فصل:
فإن كان له امرأتان أو أكثر، وجب التسوية بينهن في القسم، لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» رواه أبو داود. ولأن الجور يخل بالعشرة بالمعروف. وليس له البداءة في القسم بإحداهما دون الأخرى من غير رضاها؛ لأنه جور يدعو إلى النفور. فإذا أراد البداءة بالقسم، أقرع بينهما؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرع بين نسائه. وإذا بدأ بواحدة بقرعته أو غيرها، لزمه القضاء للبواقي؛ لأن ترك القضاء ميل.
فصل:
ويجب القسم على المريض، والمجبوب والمظاهر، والمولي وزوج المريضة، والمحرمة، والحائض والنفساء؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقسم في مرضه؛ ولأن القسم يراد للأنس والإيواء، وذلك أحصل في هذه الأحوال. فأما المجنون والمجنونة، فإن خيف منهما، سقط؛ لأن الأنس لا يحصل منهما، وإن لم يخف منهما، فالمجنونة على حقها في القسم. ويطوف ولي المجنون به؛ لأن الأنس يحصل منهما.
فصل:
وإذا سافرت زوجته بغير إذنه، سقط حقها من القسم والنفقة؛ لأنها منعته القسم لها بغيبتها، فأسقطت نفقتها بنشوزها. وإن بعثها أو أمرها بالنقلة من بلدها، لم يسقط حقها من نفقة، ولا قسم؛ لأن ذلك حاصل بفعله، فلم يسقط حقها، كما لو أتلف المشتري المبيع، لم يسقط ثمنه. وإن سافرت بإذنه لحاجتها، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يسقطان؛ لأنها سافرت بإذنه، أشبه ما لو سافرت معه.
الثاني: يسقط. اختاره الخرقي؛ لأن القسم للأنس، والنفقة للتمكين من الاستمتاع، وقد تعذر من جهتها، فسقط، كثمن المبيع إذا تعذر تسليمه، ويحتمل أن يسقط قسمها وجها واحدا؛ لأنه لو سافر عنها لعذر، سقط حقها منه، فإذا سافرت هي، كان أولى. وفي النفقة وجهان؛ لأنها لا تسقط بسفره.
فصل:
وعماد القسم الليل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: 10] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] .