جحش، وزوج أسامة فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية» . رواه مسلم وقالت عائشة: إن أبا حذيفة تبنى سالماً وأنكحه ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة. أخرجه البخاري. لكن إن لم ترض المرأة، ولم يرض بعض الأولياء ففيه روايتان:
إحداهما: العقد باطل؛ لأن الكفاءة حقهم، تصرف فيه بغير رضاهم، فلم يصح كتصرف الفضولي.
والثانية: يصح ولمن لم يرض الفسخ. فلو زوج الأب بغير الكفء فرضيت البنت كان للأخوة الفسخ؛ لأنه ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة، فملك الفسخ كالمتساويين.
فصل:
والكفء ذو الدين والمنصب. فلا يكون الفاسق كفئا لعفيفة؛ لأنه مردود الشهادة والرواية، غير مأمون على النفس والمال. ولا يكون المولى والعجمي كفئاً لعربية، لما ذكرنا من قول عمر. وقال سلمان لجرير: إنكم معشر العرب لا نتقدم في صلاتكم، ولا ننكح نساءكم، إن الله فضلكم علينا بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجعله فيكم. والعرب بعضهم لبعض أكفاء، والعجم بعضهم لبعض أكفاء؛ لأن المقداد بن الأسود الكندي تزوج ضباعة ابنة الزبير ابن عمة رسول الله. وزوج أبو بكر أخته للأشعث بن قيس الكندي، وزوج علي ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب.
وعنه أن غير قريش لا يكافئهم وغير بني هاشم لا يكافئهم، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» . واختلفت الرواية في ثلاثة أمور: أحدها: الحرية، فروي أنها ليست شرطاً في الكفاءة، «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لبريرة حين عتقت تحت عبد، فاختارت فرقته: لو راجعتيه، قالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال: لا إنما أنا شفيع» ومراجعتها له ابتداء نكاح عبد لحرة. روي أنها شرط، وهي أصح؛ لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خير بريرة حين عتقت تحت عبد» . فإذا ثبت لها الخيار بالحرية الطارئة فبالسابقة أولى؛ ولأن فيه نقصاً في المنصب والاستمتاع والإنفاق، ويلحق به العار فأشبه عدم المنصب.