إحداهن: ليس لهم تزويجها، لما روي «أن قدامة بن مظعون زوج ابنة أخيه من عبد الله بن عمر، فرفع ذلك إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها» والصغيرة لا إذن لها. والثانية: لهم تزويجها ولها الخيار إذا بلغت، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَبِيرًا} [النساء: 2] {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] . دلت بمفهومها على أنه له تزوجها إذا أقسط لها، وقد فسرته عائشة بذلك. والثالثة: لهم تزويجها إذا بلغت تسعاً بإذنها، ولا يجوز قبل ذلك، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها» رواه أبو داود. وجمعنا بين الأدلة والأخبار، وقيدنا ذلك بابنة تسع؛ لأن عائشة قالت: «إذا بلغت الجارية تسع سنين، فهي امرأة» . وروي ذلك مرفوعاً إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه، فأشبهت البالغة. وإذن الثيب الكلام، وإذن البكر الصمات، أو الكلام في حق الأب وغيره، لما تقدم من الحديث، وهو صريح في الحكم. وروى عدي الكندي عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الثيب تعرب عن نفسها والبكر رضاها صمتها» رواه الأثرم وابن ماجة. ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم، لشمول اللفظ لهما جميعاً.

فصل:

الشرط الخامس من شروط النكاح: الإيجاب والقبول. ولا يصح الإيجاب إلا بلفظ النكاح، أو التزويج، فيقول: زوجتك ابنتي، أو أنكحتكها؛ لأن ما سواهما لا يأتي على معنى النكاح، فلا ينعقد به، كلفظ الإحلال، ولأن الشهادة شرط في النكاح، وهي واقعة على اللفظ. وغير هذا اللفظ ليس بموضوع للنكاح، وإنما يصرف إليه بالنية، ولا شهادة عليها، فيخلوا النكاح عن الشهادة.

وأما القبول فيقول: قبلت هذا النكاح. وإن اقتصر على قبلت صح؛ لأن القبول يرجع إلى ما أوجبه الولي، كما في البيع. وإن قيل للولي: أزوجت؟ قال: نعم. قيل للمتزوج: أقبلت؟ قال: نعم انعقد النكاح؛ لأن نعم جواب للسؤال، والسؤال مضمر معاد فيه، ولهذا لو قيل له: أسرقت؟ قال: نعم. كان مقراً بالسرقة، حتى يلزمه القطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015