[باب حكم أمهات الأولاد]

إذا أصاب الرجل أمته، فولدت منه ما يتبين فيه بعض خلق الإنسان، صارت له أم ولد، تعتق بموته من رأس المال، لما روى ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه» رواه أحمد، وابن ماجة. ولأنه إتلاف حصل بالاستمتاع، فحسب من رأس المال، كإتلاف ما يأكله. فأما إن علقت منه في غير ملكه، لم تعتق عليه، سواء ملكها حاملاً أو بعد الوضع، لأنها علقت بمملوك. فإذا كان الولد مملوكاً، فأمه أولى.

وعنه: إن ملكها حاملاً فولدت عنده، صارت له أم ولد، لعموم الخبر. وقال القاضي: إن لم يطأها بعد ملكه لها، لم تصر أم ولد. وكذلك إن وطئها في ابتداء حملها، أو توسطه بعد ملكه لها، صارت أم ولد، لأن الماء يزيد في سمعه وبصره. وقد قال عمر: أبعدما اختلطت دماؤكم ودماؤهن، ولحومكم ولحومهن، بعتموهن؟ ! فعلل بالاختلاط وقد وجد. وإن ولدت منه في غير ملكه بنكاح، أو زنا، ثم ملكها، لم تصر أم ولد، لأن ولدها مملوك لسيد الأمة. ونقل ابن أبي موسى: أنها تصير أم ولد، لما ذكرناه. والأول المذهب.

فصل

فإن أسقطت ولداً ميتاً، فهو كالحي في ذلك، لأنه ولد. وإن أسقطت جزءاً منه، كيد، ورجل، فهي أم ولد، لأنه من ولد. وإن ألقت نطفة أو علقة، لم تصر أم ولد، لأنه ليس بولد. وإن وضعت ما يتحقق فيه تخطيط، من رأس، أو يد، أو رجل، أو عين، فهو ولد. وإن ألقت مضغة، فشهدت ثقة من القوابل أنه تخطط، أو تصور، ثبت أنه ولد. وإن لم يتخطط ويتصور، فشهدت أنه بدو خلق آدمي، ففيه روايتان:

إحداهما: لا تصير أم ولد، لأنه ليس بولد، أشبه النطفة، والأخرى هي أم ولد، لأنه بدو خلق بشر، أشبه المتخطط.

فصل

ويملك الرجل استخدام أم ولده، وإجارتها ووطأها، وتزويجها، وحكمها حكم الإماء في صلاتها وغيرها، لأنها باقية على ملكه، إنما تعتق بعد الموت بدليل حديث ابن عباس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015