فصل:

وإذا كاتب رجلان عبداً بينهما، فادعى أنه أدى إليهما، فصدقه أحدهما، وأنكر الآخر، عتق نصيب المقر، وحلف الآخر، وبقيت حصته على الكتابة، وله مطالبة المقر بنصف ما قبض، لحصول حقه في يده، ومطالبة المكاتب بالباقي، وله مطالبة المكاتب بالجميع، لأنه لم يدفع إليه حقه، ولا إلى وكيله، فإذا قبض، عتق المكاتب، ومن أيهما أخذ، لم يرجع به المقبوض منه على الآخر، لأنه يقر ببراءة صاحبه، ويدعي أن المنكر ظلمه، فلا يرجع بما ظلمه به على غيره. فإن عجز المكاتب، عجزه ورق نصفه، ولم يسر عتق الآخر، لأنه لا يعترف بعتقه ولا العبد أيضاً، ولا يعترف المنكر بعتق شيء منه، وإن شهد المصدق له. فقال الخرقي: تقبل شهادته له في العتق، لأنه لا نفع له فيه، ولا تقبل شهادته فيما يرجع إلى براءته من مشاركة صاحبه. وقياس المذهب أنه لا تقبل شهادته في العتق أيضاً، لأن من شهد بشهادة يجر إلى نفسه نفعاً، بطلت شهادته في الكل. وإن ادعى المكاتب، ودفع جميع المال إلى أحدهما، ليأخذ نصيبه منه، ويدفع باقيه إلى شريكه. وقال المدعى عليه: بل دفعت إلى كل واحد منا حقه، فهي كالتي قبلها، إلا أن المنكر يأخذ حصته بلا يمين، لأنه لا يدعي واحد منهما دفع المال إليه، وإن قال المدعى عليه: قبضت المال، ودفعت إلى شريكي حصته، فأنكر شريكه، فعليه اليمين ها هنا، لأنه يدعي التسليم إليه. فإذا حلف، فله مطالبة من شاء منهما بجميع حقه. فإن أخذ من المكاتب، رجع على المقر، لأنه قبض منه، سواء صدقه المكاتب في الدفع إلى شريكه، أو كذبه، لتفريطه في ترك الإشهاد. فإن حصل للمنكر ماله من أحدهما، عتق. وإن عجز المكاتب، فللمنكر استرقاق نصفه، والرجوع على المقر بنصف ما قبض، لأنه استحق نصف كسبه، ويقوم على المقر، لأنه رقه كان بسبب منه، وهو التفريط.

فصل

وإذا خلف رجل ابنين وعبداً، فادعى العبد أن سيده كاتبه، فأنكراه، فالقول قولهما مع أيمانهما، لأن الأصل عدم الكتابة، ويحلفان على نفي العلم، لأنها يمين على فعل الغير. وإن صدقه أحدهما، أو نكل عن اليمين، وحلف الآخر، ثبتت الكتابة لنصفه. ومتى أدى إلى المقر، عتق نصيبه، ولم يسر إلى نصيب شريكه، لأنه لم يباشر العتق، ولم يتسبب إليه، إنما هو مقر بما فعل أبوه، وولاء نصفه الذي عتق للمقر، لأنه لا يدعيه غيره. وإن شهد المقر على المنكر، فشهادته مقبولة إن كان عدلاً، لأن لا يجر إلى نفسه نفعاً، ولا يدفع ضرراً. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015