فصل:

فأما عطيته في صحته، فمن رأس ماله، لأنه مطلق في التصرف في ماله، لا حق لأحد فيه. وإن كان في مرض غير مخوف، فكذلك، لأنه في حكم الصحيح. وإن كان مخوفاً اتصل به الموت، فعطيته من الثلث، لما روى عمران بن حصين: «أن رجلاً أعتق ستة أعبد له عند موته، لم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فدعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال له قولاً شديداً» . رواه مسلم. ولأنه في هذه الحال لا يأمن الموت، فجعل كحال الموت. فإن برئ ثم مرض ومات، فهو من رأس المال، لأنه ليس بمرض الموت. وإن وهب ما يعتبر قبضه وهو صحيح، وأقبضه وهو مريض، اعتبر من الثلث، لأنه لم يلزم إلا بالقبض الذي وجد بالمرض.

فصل:

والمرض المخوف كالطاعون، والقولنج، والرعاف الدائم، والإسهال المتواتر، والحمى المطبقة، وقيام الدم، والسل في انتهائه، والفالج في ابتدائه، ونحوها. وغير المخوف، كالجرب ووجع الضرس، والصداع اليسير، والإسهال اليسير من غير دم، والسل قبل تناهيه، والفالج إذا طال. فأما الأمراض الممتدة فإن أضني صاحبها على فراشه، فهي مخوفة، وإلا فلا. وقال أبو بكر: فيها وجه آخر أنها مخوفة على كل حال، فإن أشكل شيء من هذه الأمراض، رجع إلى قول عدلين من أهل الطب، لأنهم أهل الخبرة به.

فصل:

وإن ضرب الحامل الطلق، فهو مخوف، لأنه من أسباب التلف، وما قبل ستة أشهر فهي في حكم الصحيح. فإن صار له ستة أشهر، فقال الخرقي: عطيتها من الثلث، لأنه وقت لخروج الولد، وهو من أسباب التلف. وقال غيره: هي كالصحيح، لأنه لا مرض بها. وإن وضعت الولد وبقيت معها المشيمة، أو حصل مرض، أو ضربان، فهو مخوف، وإلا فلا، ومن كان بين الصفين حال التحام الحرب، أو في البحر في هيجانه، أو أسير قوم عادتهم قتل الأسرى، أو قدم للقتل، أو حبس له، أو وقع الطاعون ببلده، فعطيته من الثلث، لأنه يخاف الموت خوف المريض وأكثر، فكان مثله في عطيته. قال أبو بكر: وفيه رواية أخرى: أن عطاياهم من جميع المال، لأنه لا مرض بهم.

فصل:

فأما بيع المريض بثمن المثل، وتزويجه بمهر المثل، فلازم من جميع المال، لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015