الوصية: هي التبرع بعد الموت، وهي مستحبة لمن ترك خيراً، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إن الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم» . رواه ابن ماجه. وليست واجبة، لأنها عطية لا تجب في الحياة، فلا تجب بعد الموت، كالزائد على الثلث. وحكي عن أبي بكر أنها واجبة للأقارب غير الوارثين، لظاهر قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] .
والمستحب فيها الإيصاء بالخمس. وقال القاضي وأبو الخطاب: يستحب لمن كثر ماله الوصية بالثلث لما ذكرنا في الحديث، ووجه ما ذكرنا ما روى عامر بن سعد عن أبيه قال: «مرضت مرضاً أشفيت منه على الموت، فأتاني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعودني، فقلت: يا رسول الله لي مال كثير، وليس يرثني إلا ابنتي، أفأوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فبالثلثين؟ قال: لا، قلت: فبالشطر، قال: لا، قلت: فبالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» متفق عليه. يعني يطلبون الناس بأكفهم. فاستكثر الثلث مع إخباره إياه بكثرة ماله وقلة عياله، قال ابن عباس: وددت لو أن الناس غضوا من الثلث، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «والثلث كثير» . متفق عليه. وأوصى أبو بكر بالخمس. وقال: رضيت نفسي ما رضي الله به لنفسه. وقال علي: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالثلث. أما قليل المال ذو العيال، فلا تستحب له الوصية، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» .