الثواب فهو على هبته، يرجع فيها إذا لم يرض منها. قال أحمد: إذا تغيرت العين الموهوبة بزيادة أو نقصان، ولم يثبه منها، فلا أرى عليه نقصان ما نقص، إلا أن يكون ثوباً لبسه، أو جارية استخدمها أو استعملها، فإن اختلفا، فقال: وهبتك ببدل، فأنكر الآخر، فالقول قول المنكر، لأنه ادعى عليه بدلاً الأصل عدمه.

فصل:

وإن وهب لغير ولده شيء، وتمت الهبة، لم يملك الرجوع فيه، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «العائد من هبته كالعائد في قيئه» متفق عليه. وروى ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يحل لرجل أن يعطي عطية، فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

وإن وهب الرجل لولده، فله الرجوع للخبر؛ ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بشيراً برد ما وهب لولده النعمان؛ ولأن الأب لا يتهم في رجوعه؛ لأنه لا يرجع إلا لضرورة، أو إصلاح الولد. وليس للجد الرجوع؛ لأن الخبر يتناول الوالد حقيقة، وليس الجد في معناه؛ لأنه يدلي بواسطة، ويسقط بالأب، ولا تسقط الإخوة، فأما الأم فيحتمل أن لا رجوع لها، لأنه لا ولاية لها على ولدها، بخلاف الأب، ويحتمل أن لها الرجوع، لأنها أحد الأبوين، فأشبهت الأب، ولأنه يجب عليها التسوية بين ولدها في العطية، فأشبهت الأب. والهبة والصدقة سواء في ذلك، بدليل أن في حديث النعمان بن بشير: فرجع أبي، فرد تلك الصدقة. وعن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ليس للأب الرجوع في هبته أيضاً، لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العائد في هبته كالعائد في قيئه» .

فصل:

وللرجوع في الهبة شروط أربعة:

أحدها: أن تكون باقية في ملكه، لأن الرجوع فيها بعد خروجها عن ملكه إبطال لملك غيره، فإن عادت إلى الابن بفسخ العقد، فله الرجوع فيها، لأنه عاد حكم العقد الأول، وإن عادت بسبب آخر، فلا رجوع له، لأنه ما استفاد هذا الملك بهبة أبيه.

الثاني: أن يكون تصرف الابن فيها باقياً. فإن استولد الأمة أو رهنها، أو حجر عليه لفلس، سقط الرجوع لما فيه من إسقاط حق الغرماء والمرتهن، ونقل ملك فيما لا يقبل النقل. فإن زال الحجر والرهن، فله الرجوع لزوال المالك.

الثالث: أن لا يزيد زيادة متصلة، كالسمن والتعلم، فإن زادت ففي الرجوع روايتان. كالروايتين في الرجوع على المفلس، وإن كانت منفصلة، لم يمنع الرجوع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015