يملك المال كالصيد. ويملك الذمي بالإحياء، في دار الإسلام لذلك. وقال ابن حامد: لا يملك فيها بالإحياء لخبر طاوس. وليس للمسلم إحياء أرض في بلد صولح الكفار على المقام فيه؛ لأن الموات تابع للبلد، فلم يجز تملكه عليهم كالعامر.
فصل:
وفي صفة الإحياء روايتان:
إحداهما: أن يعمر الأرض لما يريدها له، ويرجع في ذلك إلى العرف؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أطلق الإحياء ولم يبين، فحمل على المتعارف. فإن كان يريدها للسكنى، فإحياؤها بحائط جرت عادتهم بالبناء به وتسقف، فإنها لا تصلح للسكنى، إلا بذلك، وإن أرادها حظيرة لغنم أو حطب، فبحائط جرت العادة بمثله، وإن أرادها للزرع، فبسوق الماء إليها من نهر أو بئر، ولا يعتبر حرثها؛ لأنه يتكرر كل عام، فأشبه السكنى، لا يحصل الإحياء به لذلك، وإن كانت أرضًا يكفيها المطر، فإحياؤها بتهيئتها للغرس والزرع، إما بقلع أشجارها، أو أحجارها، أو تنقيتها ونحو ذلك مما يعد إحياءً. وإن كانت من أرض البطائح، فإحياؤها بحبس الماء عنها؛ لأن إحياءها بذلك، ولا يعتبر في الإحياء للسكنى نصب أبواب؛ لأن السكنى ممكنة بدونه، والرواية الثانية: التحويط إحياء لكل أرض؛ لما روى سمرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أحاط حائطًا على أرض فهي له» رواه أبو داود. ولأن الحائط حاجز منيع، فكان إحياء، كما لو أرادها حظيرة.
فصل:
وإذا أحياها ملكها بما فيها من المعادن والأحجار؛ لأنه تملك الأرض بجميع أجزائها وطبقاتها، وهذا منها. وإن ظهر فيها معدن جاز، كالقير والنفط والماء، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يملكه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الناس شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار» رواه الخلال. وكذلك الحكم في الكلأ والشجر؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا حمى في الأراك» .
والثانية: يملك ذلك كله؛ لأنه نماء ملكه، فملكه كشعر غنمه.
فصل:
ومن حفر بئرًا في موات، ملك حريمها، والمنصوص عن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أن حريم البئر البديء خمسة وعشرون ذراعًا من كل جانب. ومن سبق إلى بئر عادية فاحتفرها، فحريمها خمسون ذراعًا من كل جانب؛ لما روي عن سعيد بن المسيب أنه