لم يقر به، أو ينسب إليها ما تتعد به وإن لم يكن، قبل لعدم ذلك.

والثالثة: إن كان لها إخوة ونسب معروف، لم تقبل دعوتها؛ لأن ولادتها لا تخفى عليهم وإن لم يكن قبلت. والأمة كالحرة، إلا أننا إذا ألحقنا النسب بها، لم يثبت رق ولدها؛ لأنه محكوم بحريته، فلا يثبت رقه بمجرد الدعوى، كما لم يثبت كفره.

فصل:

فإن ادعى نسبه رجلان، ولأحدهما بينة، فهو ولده؛ لأن له حجة، فإن كان لهما بينتان، أو لا بينة لهما، عرض على القافة معهما، أو من عصبتهما عند فقدهما، فإن ألحقته بأحدهما، ألحق به؛ لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل مسرورًا تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم تري أن مجززًا المدلجي نظر آنفًا إلى زيد وأسامة، وقد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» متفق عليه.

فلولا أن ذلك حق، لما سر به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن ألحقته بهما لحقهما، لما روى سليمان بن يسار: عن عمر في امرأة وطئها رجلان في طهر، فقال القائف: قد اشتركا فيه، فجعله عمر بينهما رواه سعيد. وعن علي مثله. قال أحمد: ويرثهما ويرثانه، ونسبه من الأول قائم لا يزيله شيء، قال: ويلحق بثلاثة، وينبغي أن يلحق بمن ألحقه منهم وإن كثروا؛ لأن المعنى في الاثنين موجود فيما زاد فيقاس عليه، وقال القاضي: لا يلحق بأكثر من ثلاثة. وقال ابن حامد: لا يلحق بأكثر من اثنين؛ لأننا صرنا إلى ذلك للأثر، فيجب أن نقتصر عليه.

فإن لم توجد قافة، أو أشكل عليهم، أو نفته عنهما، أو تعارضت أقوالهما، فقال أبو بكر: يضيع نسبه؛ لأنه لا دليل لأحدهما، فأشبه من لم يدع نسبه أحد. وقال ابن حامد: يترك حتى يبلغ، ويؤاخذان بنفقته؛ لأن كل واحد منهما مقر به، فإذا بلغ أمرناه أن ينتسب إلى من يميل طبعه إليه؛ لأن ذلك يروى عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأن الطبع يميل إلى الوالد ما لا يميل إلى غيره. فإذا تعذرت القافة، رجعنا إلى اختياره. ولا يصح انتسابه قبل بلوغه؛ لأنه قول يتعين به النسب، وتلزم به الأحكام، فلا يقبل من الصبي، كقول القائف.

وسواء كان المدعيان مسلمين حرين، أو كافرين رقيقين، أو مسلمًا وكافرًا، وحرًا وعبدًا؛ لأن كل واحد منهم لو انفرد صحت دعواه؛ فإن ادعاه امرأتان، وقلنا بصحة دعوتيهما، فهما كالرجلين، إلا أنه لا يلحق بأكثر من واحدة؛ لأنه يستحيل ولد من أنثيين، وإن كانت إحداهما تسمع دعواها دون الأخرى، فهي كالمنفردة به، وإن ألحقته القافة بكافر وأمة، لم يحكم برقه ولا كفره؛ لأنه ثبت إسلامه وحريته بظاهر الدار، فلا يزول ذلك بظن ولا شبهة، كما لم تزل بمجرد الدعوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015