فصل:

فإن التقطه موسر ومعسر، قدم الموسر؛ لأنه أحظ للطفل، فإن تساويا وتشاحا، أقرع بينهما؛ لقول الله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] ، ولأنهما تساويا في الحق، فأقرع بينهما، كالعبدين في العتق، وإن ترك أحدهما نصيبه، كلفه الآخر، والرجل والمرأة في هذا سواء؛ لأن المرأة أجنبية، والرجل يحضنه بأجنبية، فهما سواء.

فصل:

فإن اختلفا في الملتقط، وهو في يد أحدهما، فالقول قوله، وهل يستحلف؟ فيه وجهان. وإن كان في يديهما، قدم أحدهما بالقرعة. وهل يستحلف؟ على وجهين. وإن لم يكن في يد واحد منهما، سلمه السلطان إلى من يرى منهما، أو من غيرهما؛ لأنه لا يد لأحدهما. وإن كان لأحدهما بينة، قضى بها؛ لأنها أقوى، فإن كانت لكل واحد منهما بينة، قدم أسبقهما تاريخًا؛ لأنه يثبت بها السبق إلى الالتقاط، وإن تساويا وهو في يد أحدهما انبنى على بينة الداخل والخارج، وإن تساويا في اليد أو عدمها، سقطتا وأقرع بينهما، فقدم بها أحدهما.

فصل:

وإن ادعى نسبه رجل لحق به؛ لأنه أقر له بحق لا ضرر فيه على أحد فقبل، كما لو أقر له بمال، ويأخذ من الملتقط إن كان من أهل الكفالة؛ لأن الوالد أحق بكفالة ولده، وإن كان كافرًا، لم يتبعه في الدين؛ لأنه محكوم بإسلامه بالدار، فلا يزول ذلك بدعوى كافر، ولا يدفع إليه؛ لأنه لا ولاية لكافر على مسلم، ويثبت نسبه منه؛ لأن الكافر كالمسلم في ثبوت النسب منه، ولا ضرر على أحد في انتسابه إليه، وإن كانت له بينة بولادته على فراشه، ألحق به نسبًا ودينًا؛ لأنه ثبت أنه ابنه ببينة، ذكره بعض أصحابنا، وقياس المذهب أنه لا يلحقه في الدين إلا أن تقوم البينة أنه ولد كافرين حيين؛ لأن الطفل يحكم بإسلامه بإسلام أحد أبويه أو موته، وإن ادعت امرأة نسبه، ففيها ثلاث روايات:

إحداهن: يقبل قولها؛ لأنها أحد الأبوين، فثبت النسب بدعواها كالأب، ويلحق بها دون زوجها.

والثانية: إن كان لها زوج، لم تقبل دعواها؛ لأنه يؤدي إلى أن تلحق بزوجها نسبًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015