أو بيعها، لزمه حفظ صفتها، ثم يعرفها عامًا، فإذا جاء صاحبها، دفع إليه ثمنها، أو غرمه له إن أكلها، ولا يلزمه عزل ثمنها إذا أكلها؛ لأنه لا يخرج من ذمته بعزله، فلم يلزمه كسائر ما يلزمه ضمانه، وإن أراد بيعها، فله أن يتولى ذلك بنفسه؛ لأن ما ملك أكله، فبيعه أولى. فإذا عرفها حولًا، ولم تعرف، ملكها إن كانت باقية، أو ثمنها إن باعها؛ لأن حديث زيد يدل على ملكه لها؛ لأنه أضاف إليها بلام التمليك، ولأنه مال يجوز التقاطه، فيملك بالتعريف، كالأثمان. وعنه: لا يملكها، والمذهب الأول.
فصل:
فإن التقط ما لا يبقى عامًا، كالبطيخ والطبيخ، لم يجز تركه ليتلف، فإن فعل ضمنه؛ لأنه فرط في حفظه، فإن كان مما لا يبقى بالتجفيف، كالبطيخ خير بين بيعه وأكله، وإن كان يبقى بالتجفيف، كالعنب والرطب، فعل ما فيه الحظ لصاحبه من بيعه وأكله وتجفيفه، فإن احتاج في التجفيف إلى غرامة، باع بعضه فيها، وإن أنفقها من عنده، رجع بها؛ لأن النفقة هاهنا لا تتكرر بخلاف نفقة الحيوان، فإنها تتكرر، فربما استغرقت قيمته، فلا يكون لصاحبها حظ في إمساكها إلا بإسقاط النفقة عنه، وإن أراد بيعها، فله البيع بنفسه لما ذكرنا في الضوال. وعنه: له بيع اليسير، وأما الكثير، فإنه يرفعه إلى السلطان، والقول في تعريفه، وسائر أحكامه كالقول في الشاة.
فصل:
قال أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: من اشترى سمكة، فوجد في بطنها درة، فهي للصياد، وإن وجد دراهم، فهي لقطة؛ لأنها لا تبتلع الدراهم إلا بعد ثبوت اليد عليها، وقد تبتلع درة من البحر مباحة، فيملكها الصياد بما فيها، فإن باعها ولم يعلم بالدرة، لم يزل ملكه عن الدرة، كما لو باع دارًا له فيها مال لم يعلم به.
فصل:
فإن وجد اللقطة اثنان، فهي بينهما؛ لأنهما اشتركا في السبب، فاشتركا في الحكم، وإن ضاعت من واجدها، فوجدها آخر ردها على الأول؛ لأنه قد ثبت له الحق فيها، فوجب ردها إليه كالملك، وإن رآها اثنان، فرفعها أحدهما فهي له؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو له» وإن رآها أحدهما فقال للآخر: ارفعها ففعل، فهي لرافعها؛ لأنه مما لا يصح التوكيل فيه.
فصل:
فإن التقطها صبي أو مجنون أو سفيه، صح التقاطه؛ لأنه كسب بفعل، فصح منه كالصيد، فإن تلفت في يده بغير تفريط لم يضمنها؛ لأنه أخذ ماله، وإن تلفت بتفريط