معرفة حذقهما، ولا يعتبر تعيين الراكبين ولا القوسين؛ لأنهما آلة للمقصود فلم يعتبر تعيينهما، كسرج الدابة، ويعتبر تحديد المسافة، لحديث ابن عمر، ولأنهما إذا أجريا إلى غير غاية، لم يؤمن ألا يسبق أحدهما حتى يعطبا أو أحدهما، ولا يجوز إجراؤهما إلا بتدبير الراكبين؛ لأنهما إذا جريا لأنفسهما، تنافرا ولم يمضيا إلى الغاية، ولا يجوز أن يستبقا على أن من سبق صاحبه بخمسة أقدام، فهو السابق؛ لأن هذا لا ينضبط، فإن الفرسين لا يقفان عند الغاية ليقدر ما بينهما.
فصل:
وإذا كان الجعل من غيرهم فقال: من سبق منكم، فله عشرة، صح، فإن سبق واحد، فهي له؛ لأنه سبق، وإن سبق اثنان أو أكثر، اشتركوا في السبق، وإن جاء الكل معاً، فلا شيء لهم؛ لأنهم لا سابق فيهم، وإن جعل السبق للمصلي وحده، أو فضله عن السابق، لم يصح؛ لأن كل واحد منهم يجتهد أن لا يسبق فيفوت الغرض، وكذلك إن جعل للسابق عشرة وللثالث أربعة، ولم يجعل للمصلي شيئاً، لم يصح؛ لأن من عدا السابق يجتهد أن لا يسبق صاحبه، وإن سوى بين السابق والمصلي، ولا ثالث معهما، لم يصح لفوات الغرض به، وإن كان معهما ثالث نقص عنهما، صح؛ لأن كل واحد منهم يجتهد في أن لا يكون الثالث، وإن جعل للمجلي وهو الأول مائة، وللمصلي وهو في الثاني تسعين، وللمسلي وهو الثالث ثمانين، وللتالي وهو الرابع سبعين، وللمرتاح وهو الخامس ستين، وللعاطف وهو السادس خمسين، وللحظي وهو السابع أربعين، وللمؤمل وهو الثامن ثلاثين، وللطيم وهو التاسع عشرين، وللحظي وهو العاشر عشرة، وللفسكل وهو الأخير خمسة، صح؛ لأن الغرض حاصل وكل واحد يجتهد في سبق الآخر، لينال أعلى من رتبته، وإن جعل كل رتبة يشترك فيه جميع من بلغها، احتمل أن يصح لذلك، واحتمل أن لا يصح؛ لأنه قد يشترك في السبق جماعة، وينفرد المصلي فيفضلهم بكثرة ما جعل له فيفوت الغرض، وإن قال: من بلغ الغاية فله عشرة، لم يكن ذلك مسابقة؛ لأن مقصود المسابقة التحريض على السبق وتعلم الفروسية، وهذا يفوت بالتسوية، ولكنه جعالة محضة؛ لأنه بذل العوض في أمر فيه غرض صحيح، وكذلك إن قال: ارم عشرة اسهم، فإن كانت إصابتك أكثر من خطئك، فلك كذا، أو قال: إن أصبت بهذا السهم، فلك كذا، صح ولم يكن مناضلة لذلك.
فصل:
وإن أخرج الجعل أحد المتسابقين، جاز؛ لأن فيهما من يأخذ ولا يعطي، فلا يكون قماراً.
فإن سبق من أخرج، أحرز سبقه، ولم يأخذ من صاحبه شيئاً، وإن سبق الآخر، أحرز الجعل؛ لأنه سابق، وإن جاءا معاً فالجعل لصاحبه؛ لأنه لا سبق فيهما.