تجوز المسابقة على الأقدام والدواب وبالسهام والحراب والسفن وغيرها، لما روى ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سابق بين الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع، وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق» متفق عليه، «وسابق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - على قدميه» وسابق سلمة بن الأكوع رجلاً من الأنصار بين يديه، «ومر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوم يربعون حجراً أي يرفعونه بأيديهم ليعلم الشديد منهم، فلم ينكر عليهم» ولا يجوز بعوض إلا في الخيل والإبل والسهام، لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر» رواه أبو داود.
فتعين حمله على المسابقة بعوض جمعاً بينه وبين ما روينا، والمراد بالحافر الخيل خاصة، وبالخف الإبل، وبالنصل السهام؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله» ولأن غير الخيل والإبل لا تصلح للكر والفر والقتال، وغير السهام لا يعتاد الرمي بها، فلم تجز المسابقة عليها كالبقر والتراس.
فصل:
والمسابقة بعوض جعالة فيه؛ لأنه عقد على ما لا يعلم القدرة على تسليمه، فأشبه رد الآبق، ولكل واحد منهما فسخها قبل الشروع في المسابقة، وما لم يظهر فضل أحدهما، فإن ظهر، فللفاضل الفسخ والنقصان والزيادة ولا يجوز للمفضول، لئلا يفوت غرض المسابقة، فإنه متى بان له أنه مسبوق، فسخ، وذكر القاضي وجهاً آخر، أنها عقد لازم؛ لأن من شرطها العلم بالعوضين فكانت لازمة كالإجارة، ويجوز بذل العوض من بيت المال، ومن السلطان، ومن المتسابقين وآحاد الرعية؛ لأنه إخراج مال لمصلحة، فجاز من الجميع كارتباط الخيل في سبيل الله، فإن بذل العوض فيها تحريض على التعلم، والاستعداد للجهاد، ومن شرط العوض كونه معلوماً لما ذكرنا في الجعالة له.
فصل:
ولا تجوز المسابقة بين جنسين، كالخيل والإبل؛ لأن تفاضل الجنسين معلوم.
فأما النوعان كالعربي والهجين، والبختي والعرابي، فقال القاضي: تجوز المسابقة بينهما؛ لأن الجنس يشملهما، فأشبها النوع الواحد، وقال أبو الخطاب: لا تصح؛ لأنهما يختلفان في الجري عادة، فأشبها الجنسين، وكذا الخلاف في المناضلة بنوعين من القسي، كالعربي والفارسي وقوس الجرح وقوس النبل لذلك.
فصل:
ويشترط تعيين المركوبين؛ لأن القصد جوهرهما، وتعيين الراميين؛ لأن القصد