فصل:
وله ضرب الظهر، وكبحه باللجام، وركضه برجله للمصلحة؛ «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضرب جمل جابر حين ساقه» ولأنه لا يتوصل إلى استيفاء المنفعة إلا به، فملكه كركوبه، وإن شرط حمل أرطال من الزاد، فله إبدال ما يأكل؛ لأن له غرضاً في أن يشتري الزاد من الطريق، ليخفف عليه حمله فملك بدله، كالذي يشرب من الماء.
فصل:
وله أن يستوفي النفع المعقود ومثله ودونه في الضرر، ولا يملك فوقه، ولا ما يخالف ضرر ضرره، لأنه يأخذ فوق حقه، أو غير حقه.
فإن اكترى ظهراً في طريق، فله ركوبه إلى ذلك البلد في مثله، ودونه في الخشونة، والمسافة والمخافة، ولا يركبه في أخشن منه، ولا أبعد، ولا أخوف، وإن اكترى أرضاً للغراس والبناء، فله زرعها؛ لأنه أقل ضرراً، وإن استأجرها لأحدهما لم يملك الآخر؛ لأن ضرر كل واحد منهما يخالف ضرر الآخر، وإن استأجرها للزرع لم يغرس، ولم يبين؛ لأنهما أضر منه، وإن استأجرها لزرع الحنطة، فله زرعها، وزرع ما ضرره كضررها أو أدنى، كالشعير، والبقلاء، ولا يملك زرع الدخن والذرة والقطن؛ لأن ضررها أكثر، وإن اكترى ظهراً ليحمل عليه قطناً، لم يجز أن يحمل عليه حديداً؛ لأنه أضر على الظهر لاجتماعه وثقله، وإن اكتراه للحديد، لم يحمل عليه قطناً؛ لأنه أضر لتجافيه، وهبوب الريح فيه، وإن اكتراه ليركبه، لم يحمل عليه؛ لأن الراكب يعين الظهر بحركته، وإن اكتراه للحمل، لم يملك ركوبه؛ لأن الراكب يقعد في موضع واحد، والحمل يتفرق على جنبيه، وإن شرط ركوبه عرياناً، لم يركب بسرج؛ لأنه زيادة، وإن شرط ركوبه بسرج، لم يركبه عرياناً؛ لأنه يضر بظهر الحيوان، والعارية كالإجارة في هذا؛ لأنها تمليك للمنفعة، فأشبهت الإجارة.
فصل:
وله أن يستوفي المنفعة بنفسه وبمثله، فإن اكترى داراً، فله أن يسكنها مثله، ومن هو دونه في الضرر، ولا يسكنها من هو أضر منه، وإن اكترى ظهراً يركبه، فله أن يركبه مثله، ومن هو أخف منه، لما ذكرنا في الفصل قبله، فإن شرط أن لا يستوفي غير المنفعة بنفسها، ولا يستوفي مثلها، ولا دونها، ولا يستوفيها بمثله، ولا بدونه، صح الشرط؛ لأنه يملكه المنافع، فلا يملك إلا ما ملكه، ويحتمل أن لا يصح؛ لأنه ينافي موجب الإجارة، ولا يبطل العقد؛ لأن الشرط لا يؤثر المؤجر، فلغي وبقي العقد على مقتضاه.