وإن أجر عبده، ثم أعتقه، لم تنفسخ الإجارة؛ لأنه عقد على المنفعة فلم تنفسخ بالعتق، كالنكاح، ولا يرجع العبد بشيء؛ لأن منفعته استحقت بالعقد قبل العتق، فلم يرجع ببدله، كما لو زوج أمته، ثم أعتقها، ونفقته على سيده؛ لأنه يملك بدل منفعته، فهو كالباقي على ملكه.
فصل:
وإن أجر عيناً، ثم باعها، صح البيع؛ لأنه عقد على المنفعة، فلم يمنع البيع كالنكاح، ولا تبطل الإجارة قياساً على النكاح، وإن باعها من المستأجر، صح لذلك، وفي الإجارة وجهان: أحدهما: تبطل لأنها عقد على المنفعة، فأبطلها ملك الرقبة كالنكاح، فعلى هذا يسقط من الأجرة بقدر ما بقي من المدة.
والثاني: لا تبطل؛ لأنه عقد على الثمرة، فلم تبطل بملك الأصل، كما لو اشترى ثمرة شجرة ثم ملك أصلها، ومتى وجد المستأجر عيباً ففسخ به، رجع على المؤجر؛ لأن عوض الإجارة له، فالرجوع عليه، وإن كان المستأجر هو المشتري فكذلك، إن قلنا: لا تنفسخ الإجارة، وإن قلنا: تنفسخ، لم يرجع على أحد.
فصل:
ولا تنفسخ الإجارة بموت المتكاريين، ولا موت أحدهما؛ لأنه عقد لازم، فلا يبطل بموت المتعاقدين مع سلامة المعقود عليه كالبيع، وإن أجر عيناً موقوفة عليه، ثم مات ففيه وجهان: أحدهما: لا تبطل؛ لأنه أجر ما له إجارته شرعاً، فلم تبطل بموته كما لو أجر ملكه، ولكن يرجع البطن الثاني في تركة المؤجر بأجر المدة الباقية، إن كان قبضها؛ لأن المنافع لهم فاستحقوا أجرتها.
والثاني: تبطل فيما بقي من المدة؛ لأننا تبينا أنه أجر ملكه وملك غيره، فإن المنافع بعد موته لغيره بخلاف المالك، فإن ورثته إنما يملكون ما خلفه، وما خرج عن ملكه بالإجارة في حياته، غير مخلف فلم يملكوه، والأمر إلى من انتقل إليه الوقف في إجارته أو تركه، فعلى هذا يرجع المستأجر على المؤجر بأجرة بقية المدة، وإن أجر الولي الصبي، أو ماله مدة فبلغ في أثنائها، ففيه وجهان أيضاً كهذين.