فصل:
إذا اكترى أرضاً للزرع، فانقطع ماؤها، أو داراً فانهدمت، انفسخ العقد في أحد الوجهين؛ لأن المنفعة المقصودة منها تعذرت، فأشبه تلف العبد، والآخر: لا ينفسخ؛ لأنه يمكن الانتفاع بها كالسكنى في خيمة، أو يجمع فيها حطباً أو متاعاً، لكن له الفسخ؛ لأنها تعيبت، وإن ماتت المرضعة، انفسخت الإجارة، وعن أبي بكر: لا تنفسخ ويجب في مالها أجر رضاعه والمذهب الأول؛ لأن المعقود عليه تلف، فأشبه تلف عبد الخدمة، وإن مات المرتضع، انفسخ العقد؛ لأنه تعذر استيفاء المعقود عليه؛ لأن غيره لا يقوم مقامه لاختلافهم في الرضاع، ولذلك وجب تعيينه، ولم استأجر رجلاً ليقلع ضرسه فبرئ، أو ليكحل عينه فبرئت، أو ليقتص له فمات المقتص منه، أو عفي عنه، انفسخ العقد؛ لأنه تعذر استيفاء المعقود عليه فانفسخ، كما لو تعذر بالموت، وإن استأجر للحج فمات، ففيه وجهان: أحدهما: تنفسخ الإجارة؛ لأنه تعذر الاستيفاء بموته، أشبه موت المرتضع.
والثاني: لا تنفسخ، ويقوم وارثه مقامه، كما لو كان المستأجر داراً، وإن لم يمت لكن تلف ماله، لم تنفسخ الإجارة؛ لأن المعقود عليه سليم.
فصل:
فإن غصبت العين المستأجرة، فللمستأجر الفسخ؛ لأن فيه تأخير حقه، فإن فسخ، فالحكم فيه كالفسخ بتلف العين، وإن لم ينفسخ حتى انقضت المدة، خير بين الفسخ والرجوع على المؤجر بالمسمى، ويرجع المؤجر على الغاصب بأجر المثل، وبين إمضاء العقد ومطالبة الغاصب بأجرة المثل؛ لأن المنافع تلفت في يد الغاصب، فأشبه ما لو أتلف المبيع أجنبي، وإن كان العقد على موصوف في الذمة، طولب المؤجر بإقامة عين مقامها، فإن تعذر، فله الفسخ؛ لأن فيه تأخير حقه.
فصل:
فإن أجر نفسه ثم هرب، أو اكترى عيناً ثم هرب بها، فللمستأجر الخيار بين الصبر والفسخ؛ لأن فيه تأخير حقه، فأشبه ما لو اشترى مكيلاً فمنعه قبضه، وإن كانت الإجارة على موصوف في الذمة، استؤجر من ماله من يعمله، كما لو هرب قبل تسليم المسلم فيه، فإن لم يكن، فللمستأجر الخيار بين الفسخ والصبر إلى أن يقدر عليه فيطالبه بالعمل، كما لو تعذر تسليم المسلم فيه، وإن كانت الإجارة على مدة انقضت في هربه، بطلت الإجارة؛ لأنه أتلف المعقود عليه، فأشبه ما لو باعه مكيلاً فأتلفه قبل تسليمه.
فصل.