لأنها لم تخلق لذلك، ولا تراد له، فبذل العوض فيه من السفه، وأخذه من أكل المال بالباطل، وكذلك استئجار الشمع للتجميل به، أو ثوب ليوضع على سرير الميت لا يجوز ذلك.
فصل:
ولا يجوز عقد الإجارة على ما تذهب أجزاؤه بالانتفاع به، كالمطعوم والمشروب، والشمع ليسرجه، والشجر يأخذ ثمرته، والبهيمة يحلبها؛ لأن الإجارة عقد على المنافع، فلا تجوز لاستيفاء عين، كما لو استأجر ديناراً لينفقه إلا في الظئر تجوز للرضاع؛ لأن الضرورة تدعو إليه، لبقاء الآدمي، ولا يقوم غيرها مقامها.
فصل:
ولا تجوز إجارة ما يسرع فساده، كالرياحين؛ لأنه لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها دائماً، فجرت مجرى المطعوم، فإن كانت مما تبقى عينه دائماً كالعنبر، جازت إجارته للشم، لما تقدم.
فصل:
وما يخص فاعله أن يكون من أهل القربة، وهم المسلمون، كالحج وتعليم القرآن، ففيه روايتان: إحداهما: يجوز الاستئجار عليه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» .
رواه البخاري، وأباح أخذ الجعل عليه، ولأنه فعل مباح، فجاز أخذ الأجرة عليه، كتعليم الفقه.
والثانية: لا يجوز؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعثمان بن أبي العاص: «واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً» رواه أبو داود، ولأنه لا يقع إلا قربة لفاعله، فلم يجز أخذ العوض عليه كالصلاة.
فأما الاستئجار لتعليم الفقه والشعر المباح فيجوز؛ لأن فاعله لا يختص أن يكون من أهل القربة، فجاز كبناء المساجد، وفي إجارة المصحف وجهان، بناء على بيعه.
فصل:
قال بعض أصحابنا: لا يجوز إجارة المشاع لغير الشريك، إلا أن يؤجراه معاً؛ لأنه لا يمكنه تسليم حصته إلى المستأجر، إلا بموافقة الشريك، وقال أبو حفص: يجوز؛ لأنه يصح بيعه ورهنه، فصحت إجارته، كالمفرد.