فصل:
وإذا خرج الموكل عن أهلية التصرف، لموت أو جنون أو حجر أو فسق في ولاية النكاح، بطلت الوكالة؛ لأنه فرعه، فيزول بزوال أصله.
فإن وجد ذلك أو عزل الوكيل، فهل ينعزل قبل علمه؟ فيه روايتان: إحداهما: ينعزل؛ لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضاه، فلم يفتقر إلى علمه كالطلاق.
والثانية: لا ينعزل؛ لأنه أمر فلا يسقط قبل علمه بالنهي، كأمر الشارع، وإن أزال الموكل ملكه عن ما وكله فيه، بإعتاق أو بيع أو طلاق التي وكله في طلاقها، بطلت الوكالة؛ لأنه أبطل محليته، وإن وطئ الزوجة، أو دبر العبد أو كاتبه، بطلت الوكالة؛ لأن ذلك يدل على رجوعه، إذ لا يجتمع مقصود هذه التصرفات مع البيع، والوطء يدل على رغبته في زوجته، وإن وكله في الشراء بدينار فتلف، بطلت الوكالة، فإن تلف بتفريطه فغرمه هو أو غيره، لم يملك الشراء ببدله؛ لأن الوكالة بطلت بتلفه.
فصل:
ولا تبطل بالنوم والسكر والإغماء؛ لأنه تثبت الولاية عليه، ولا بالردة لأنها لا تمنع ابتداء وكالته، فلا تمنع استدامتها، ولا بالتعدي فيما وكل فيه، كلبس الثوب، وركوب الدابة؛ لأن العقد يتضمن أمانة وتصرفاً.
فإذا بطلت الأمانة، بقي التصرف كالرهن المتضمن وثيقة وأمانة، وإن وكله في بيع عبد، ثم باعه المالك بيعاً فاسداً، لم تبطل الوكالة؛ لأن ملكه فيه لم يزل، ولا يؤول إلى الزوال وإن وكل زوجته ثم طلقها، لم تنعزل؛ لأن الطلاق لا ينافي الوكالة، ولا يمنع ابتداءها، وإن وكل عبده ثم أعتقه، أو باعه، فكذلك، ويحتمل أن ينعزل؛ لأن أمره لعبده استخدام، وليس بتوكيل في الحقيقة.
فصل:
ويجوز التوكيل بجعل؛ لأنه تصرف لغيره لا يلزمه، فجاز أخذ العوض عنه، كرد الآبق، وإذا وكله في البيع بجعل فباع، استحق الجعل قبل قبض الثمن؛ لأن البيع يتحقق قبل قبضه.
فإن قال في التوكيل: فإذا سلمت إلي الثمن، فلك كذا، وقف استحقاقه على التسليم إليه، لاشتراطه إياه، وإن قال: بع هذا بعشرة، فما زاد فهو لك، صح وله الزيادة؛ لأن ابن عباس كان لا يرى بذلك بأساً.
فصل:
وليس للوكيل في بيع شيء بيعه لنفسه، ولا للوكيل في الشراء أن يشتري من نفسه؛ لأن العرف في العقد أن يعقد مع غيره، فحمل التوكيل عليه، ولأنه تلحقه تهمة