فصل:
إذا وكله في قبض حقه من زيد، فمات زيد، لم يملك القبض من وارثه؛ لأنه لم يتناوله إذنه نطقاً؛ لأنهم غيره، ولا عرفاً؛ لأنه قد يرضى بقاء حقه عندهم دونه، وإن قال: اقبض حقي الذي قبل زيد، فله القبض من وارثه؛ لأن لفظه يتناول قبض الحق من غير تعرض للمقبوض منه، وإن وكل وكيلين في تصرف، لم يكن لأحدهما الانفراد به؛ لأنه لم يرض بأحدهما، وإن وكله في قضاء دين تقيد بالإشهاد؛ لأنه لا يحصل الاحتياط إلا به، فإن قضاه بغير بينة، فأنكر الغريم، ضمن لتفريطه، وإن شهد ببينة عادلة، فماتت أو غابت، لم يضمن؛ لأنه لا تفريط منه، وإن قضاه بحضرة الموكل من غير إشهاد، ففيه وجهان: أحدهما: يضمن؛ لأنه ترك التحفظ.
والثاني: لا يضمن؛ لأنه إذا كان المؤدى عنه حاضراً، فهو التارك للتحفظ، وإن قضاه ببينة مختلف فيها، ففيه وجهان: أحدهما: يضمن؛ لأنه ترك التحفظ.
والثاني: لا يضمن؛ لأنها بينة شرعية، أشبهت المجمع عليها.
فصل:
إذا اشترى لموكله، ثبت الملك للموكل؛ لأنه قبل العقد لغيره، فوجب أن ينقل الملك إلى ذلك الغير، كما لو تزوج لغيره، ويثبت الثمن في ذمته أصلاً، وفي ذمة الوكيل تبعاً، وللبائع مطالبة من شاء منهما، كالضمان في أحد الوجهين، وفي الآخر لا يثبت إلا في ذمة الموكل، وليس له مطالبة غيره.
فإن دفع الثمن فوجد به البائع عيباً، فرده على الوكيل، فتلف في يده، فلا شيء عليه؛ لأنه أمين، وللبائع المطالبة بالثمن؛ لأنه دين له، فأشبه سائر ديونه، وللوكيل المطالبة به؛ لأنه نائب للمالك فيه.
فصل:
والوكالة عقد جائز من الطرفين، لكل واحد منهما فسخها؛ لأنه إذن في التصرف، فملك كل واحد منهما إبطاله، كالإذن في أكل طعامه، وإن أذن لوكيله في توكيل آخر، فهما وكيلان للموكل، لا ينعزل أحدهم بعزل الآخر، ولا يملك الأول عزل الثاني؛ لأنه ليس بوكيله، وإن أذنه في توكيله عن نفسه، فالثاني وكيل الوكيل ينعزل ببطلان وكالة الأول وعزله له؛ لأنه فرعه.
فثبت فيه ذلك، كالوكيل مع موكله، وللموكل عزله وحده؛ لأنه متصرف له فملك عزله كالأول.