يسقط، ويطالب بما عليه، وإن سلم المكفول نفسه، أو برئ من الحق بأداء، أو إبراء، برئ كفيله؛ لأن الحق سقط عن الأصيل، فبرئ الكفيل كالضمان، وإن أبرأ الكفيل، صح كما يصح إبراء الضامن، ولا يبرأ المكفول به كالضمان، وإن قال رجل: أبرئ الكفيل، وأنا كفيل بمن تكفل به، ففيه وجهان: أحدهما: يصح؛ لأنه نقل الضمان إلى نفسه، فصح، كما لو أحال الضامن المضمون له على آخر.
والثاني: لا يصح؛ لأنه شرط في الكفالة أن يبرئ الكفيل، وهو شرط فاسد، فمنع صحة العقد.
فصل:
وإذا قال: أنا كفيل بفلان، أو بنفسه، أو بدنه، أو وجهه، صحت الكفالة، وإن كفل ببعض جسده، فقال القاضي: لا يصح؛ لأن ما لا يسري إذا خص به بعض الجسد، لم يصح كالبيع، وقال غيره: إن كفل بعضو لا تبقى الحياة بدونه، كالرأس والقلب والظهر، صحت؛ لأنه لا يمكن تسليمه بدون تسليم البدن، فأشبه الوجه، وإن كفل بغيرها، كاليد والرجل، ففيه وجهان: أحدهما: لا يصح؛ لأن تسليمه بدون البدن ممكن.
والثاني: يصح لأنه لا يمكن تسليمه على صفته، دون البدن، فأشبه الوجه.
فصل:
إذا علق الكفالة والضمان على شرط، أو وقتهما، فقال: أنا كفيل بفلان شهراً، أو إن قدم الحاج، أو زيد، فأنا كفيل بفلان، أو ضامن ما عليه، فقال القاضي: لا يصح؛ لأنه إثبات حق لآدمي، فلم يجز ذلك فيه، كالبيع.
وقال أبو الخطاب والشريف أبو جعفر: يصح؛ لأنه ضمان أو كفالة، فصح تعليقه على شرط، كضمان العهدة، فعلى هذا لو قال: كفلت بفلان، على أني إن جئت به، وإلا فأنا كفيل بفلان، أو ضامن ما عليه، صح فيهما عندهما، ولم يصح عند القاضي؛ لأن الأول مؤقت، والثاني معلق على شرط.
فصل:
وتصح الكفالة ببدن الكفيل، كما يصح ضمان دين الضامن، وتجوز حالة ومؤجلة كالضمان، ولا تجوز إلى أجل مجهول؛ لأنه حق لآدمي، فلم يجز إلى أجل مجهول كالبيع، وتجوز الكفالة مطلقة ومقيدة بالتسليم في مكان بعينه، فإن أطلق، ففي أي