أحدهما: يصح؛ لأن الخيرة في التسليم إلى المحيل، وقد رضي بتسليم ما له في ذمة المقترض.
والثاني: لا يصح؛ لأن الواجب في القرض في إحدى الروايتين القيمة، فقد اختلف الجنس. وإن أحال المقرض من له الدية بها، لم يصح، وجهاً واحداً؛ لأننا إن قلنا: الواجب القيمة، فالجنس مختلف، إن قلنا: يجب المثل، فللمقرض مثل ما أقرض في صفاته وقيمته، والذي عليه الدية لا يلزمه ذلك.
فصل
الشرط الرابع: أن يحيل برضاه؛ لأن الحق عليه، فلا يلزمه أداؤه من جهة بعينها، ولا يعتبر رضى المحال عليه؛ لأن للمحيل أن يستوفي الحق بنفسه وبوكيله، وقد أقام المحتال مقام نفسه في القبض، فلزم المحال عليه الدفع إليه، كما لو وكله في الاستيفاء منه. وأما المحتال، فإن كان المحال عليه مليئاً، وهو الموسر غير المماطل، لم يعتبر رضاه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع» ولأن للمحيل إيفاء الحق بنفسه وبوكيله، وقد أقام المحال عليه مقامه في الإيفاء، فلم يكن للمحتال الامتناع. وإن لم يكن مليئاً، لم يلزمه أن يحتال؛ للحديث. ولأن عليه ضرراً في قبولها، فلم يلزمه. كما لو بذل له دون حقه في الصفة، فإن رضي بها مع ذلك، صحت، كما لو رضي بدون حقه.
فصل
إذا صحت الحوالة برئ المحيل من الدين. لأنه قد تحول من ذمته، فإن تعذر الاستيفاء من المحال عليه، لموت أو فلس حادث، أو مطل، لم يرجع على المحيل، كما لو أبرأه. وإن كان مفلساً حين الحوالة، ولم يرض المحتال بالحوالة، فحقه باق على المحيل؛ لأنه لا يلزمه الاحتيال على مفلس. وإن رضي مع العلم بحاله، لم يرجع؛ لأن الذمة برئت من الحق، فلم يعد إلى الشغل، كما لو كان مليئاً. وإن رضي مع الجهل بحاله، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يرجع، لذلك.
والثانية: يرجع؛ لأن الفلس عيب في المحال عليه، فكان له الرجوع كما لو اشترى معيباً ثم علم عيبه. وإن شرط ملاءة المحال عليه، فله شرطه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المؤمنون على شروطهم» رواه أبو داود " والمسلمون " ولأنه شرط شرطاً مقصوداً، فإذا بان خلافه، ملك الرد. كما لو شرطه في المبيع.