غير مال الكتابة، صح؛ لأن حكمه حكم الأحرار في المداينات. وإن أحال من عليه دين على من لا دين عليه. فهو توكيل في الاقتراض، وإن أحال على من له عليه دين، فهو كتوكيل في الاستيفاء، وإن أحال من عليه دين على من لا عليه دين، فهو ملتمس إيفاء دينه وليس شيء من ذلك حوالة؛ إذ الحوالة تحول الحق وانتقاله، ولا حق هاهنا يتحول، وإنما جاز التوكيل بلفظ الحوالة لاشتراكهما في معنى، وهو تحول المطالبة من الموكل إلى الوكيل، كتحولها من المحيل إلى المحتال.
فصل
الشرط الثاني: تماثل الحقين؛ لأنها تحويل الحق، فيعتبر تحوله على صفته، ويعتبر التماثل في ثلاثة أشياء: الجنس، فلو أحال من عليه أحد النقدين بالآخر، لم يصح. والصفة، فلو أحال عن المصرية بأميرية، أو عن المكسرة بصحاح، لم يصح. والحلول والتأجيل، فإن كان أحدهما حالاً والآخر مؤجلاً، أو أجل أحدهما مخالفاً لأجل الآخر، لم يصح. وإن صحت الحوالة، فتراضيا على خير مما أحيل به، أو دونه أو تعجيله، تأخيره، أو الاعتياض عنه، جاز؛ لأنه دين ثابت، فجاز فيه ذلك كغير المحال به.
فصل
الشرط الثالث: أن يكون بمال معلوم على مال معلوم؛ لأنه يعتبر فيهما التسليم والتماثل والجهالة تمنعها. ولا يصح فيما لا يصح السلم فيه؛ لأنه لا يثبت في الذمة، وإنما تجب قيمته بالإتلاف. ويصح في كل ما يثبت مثله في الذمة بالإتلاف، من الأثمان والحبوب والأدهان، وفيما يصح السلم فيه غير ذلك، كالمذروع والمعدود وجهان:
أحدهما: لا تصح الحوالة به؛ لأن المثل لا يتحرر فيه، ولهذا لا يضمن بمثله.
والثاني: يصح؛ لأنه يثبت في الذمة، ويحتمل أن يبنى الحكم فيه على القرض، إن قلنا: يقضى في هذا بمثله، صحت الحوالة به؛ لأنه يثبت في الذمة بغير السلم، وإلا فلا؛ لأنه لا يثبت في الذمة إلا بالسلم، ولا تصح الحوالة في السلم. وإن كان عليه إبل من قرض وله مثل ذلك على آخر، صحت الحوالة بها؛ لأنه إن ثبت في الذمة مثلها صحت الحوالة، وإن ثبت قيمتها فالحوالة بها صحيحة. وإن كان له إبل من دية، فأحال بها على من له عليه مثلها، من دية أخرى، صح ويلزمه إعطاؤه أدنى ما يتناوله الاسم. وقال أبو الخطاب: فيه وجه آخر، أنه لا يصح. وإن كان عليه إبل من الدية، وله مثلها قرضاً، فأحال بها، ففيه وجهان: