عين ماله مشغولة بملك غيره، أشبه الحجر المبني عليه، هذا قول ابن حامد.

وقال القاضي: يحتمل أن له الرجوع؛ لأن شغل ملكه بملك غيره لا يمنع الرجوع إذا كان أصلاً، كالثوب إذا صبغ، فإذا رجع، فاتفق الجميع على البيع، بيع، وأعطي كل واحد حقه، وإن أبى بعضهم احتمل أن يجبر عليه؛ لأنه معنى ينفصل به أحدهما عن صاحبه، أشبه بيع الثوب المصبوغ، واحتمل أن لا يجبر صاحب الأرض، ويباع الشجر وحده؛ لأنه ممكن بخلاف الصبغ.

فصل

وإن اشترى غراساً فغرسه، ثم أفلس فلم يزد، فللبائع الرجوع فيه، ويقلعه، ويضمن النقص، فإن أتى قلعه فبذل المفلس والغرماء قيمته ليملكوه، فلهم ذلك كالتي قبلها، وإن أرادوا قلعه، فلهم ذلك، ولا ضمان عليهم؛ لأن المفلس اشتراه مقلوعاً، فلم يلزمهم مع رده لذلك شيء آخر، ولا إبقاءه في أرضهم بغير استحقاق. وإن زاد سقط الرجوع في قول الخرقي، وعلى رواية الميموني يحتمل ذلك أيضاً؛ لأن النماء فيه قد حصل من أرض المفلس، فلم يملك البائع أخذه، ويحتمل أن له الرجوع، كما لو سمن العبد من طعامه. وإن اشترى من رجل أرضاً، ومن آخر غرساً، فغرسه فيها، فلصاحب الأرض الرجوع، وفي صاحب الغرس التفصيل الذي ذكرناه، فإن رجعا معاً، فالحكم فيهما، كما لو كان الغرس في أرض المفلس.

فصل

وإن أفلس، وعليه دين مؤجل لم يحل؛ لأنه التأجيل حق له، فلم يبطل بفلسه، كسائر حقوقه، قال القاضي: لا يحل رواية واحدة. وقال أبو الخطاب: فيه رواية أخرى أنه يحل؛ لأن الفلس معنى يوجب تعلق الدين بماله، فأسقط الأجل كالموت، فإن قلنا: لا يحل اختص أصحاب الديون الحالة بماله دونه؛ لأنه لا يستحق استيفاء حقه قبل أجله، وإن حل دينه قبل القسمة، شاركهم لمساواته إياهم في استيفائه، فأشبه من تجدد له دين بجناية المفلس عليه، وإن أدرك بعض المال، شاركهم فيه لذلك، فإن كان المؤجل برهن خص به؛ لأن حقه تعلق بعينه، فإن وجد عين ماله، فقال أحمد: يكون موقوفاً إلى أن يحل فيختار الفسخ أو الترك؛ لأن حقه تعلق بالعين، فقدم على غيره كالمرتهن، فإن كان ماله سلماً، فأدرك عين ماله، رجع فيها، وإن لم يدركها، وحل دينه قبل القسمة، ضرب بالمسلم فيه، وأخذ بقسطه من جنس حقه إن كان في المال وإلا اشترى به من جنس حقه، ودفع إليه، ولا يجوز أن يأخذ غير ما أسلم فيه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» رواه ابن ماجه وأبو داود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015