فصل

فإن أقرضه فلوساً، أو مكسرة، فحرمها السلطان وتركت المعاملة بها، فعليه قيمتها يوم أخذها، نص عليه؛ لأنه منع إنفاقها، فأشبه تلف أجزائها. فإن لم تترك المعاملة بها، لكن رخصت، فليس له إلا مثلها؛ لأنها لم تتلف، إنما تغير سعرها، فأشبهت الحنطة إذا رخصت.

فصل

ولا يجوز أن يشترط في القرض شرطًا يجر به نفعاً، مثل أن يشترط رد أجود منه أو أكثر، أو أن يبيعه، أو أن يشتري منه، أو يؤجره، أو يستأجر منه، أو يهدي له، أو يعمل له عملاً ونحوه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن بيع وسلف» . رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وعن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنهم نهوا عن قرض جر منفعة؛ ولأنه عقد إرفاق، وشرط ذلك يخرجه عن موضوعه. وإن شرط أن يوفيه في بلد آخر، أو يكتب له به سفتجة إلى بلد في حمله إليه نفع، لم يجز لذلك، فإن لم يكن لحمله مؤنة، فعنه: الجواز؛ لأن هذا ليس بزيادة قدر ولا صفة، فلم يفسد به القرض، كشرط الأجل. وعنه: في السفتجة مطلقاً روايتان؛ لأنها مصلحة لهما جميعاً. وإن شرط رد دون ما أخذ، لم يجز لأنه ينافي مقتضاه، وهو رد المثل، فأشبه شرط الزيادة. ويحتمل أن لا يبطله؛ لأن نفع المقترض لا يمنع منه؛ لأن القرض إنما شرع رفقاً به، فأشبه شرط الأجل، بخلاف الزيادة. وكل موضوع بطل الشرط فيه، ففي القرض وجهان:

أحدهما: يبطل؛ لأنه قد روي «كل قرض جر منفعة، فهو ربا» .

والثاني: لا يبطل؛ لأن القصد إرفاق المقترض. فإذا بطل الشرط، بقي الإرفاق بحاله.

فصل

وإن وفى خيراً منه في القدر، أو الصفة من غير شرط، ولا مواطأة، جاز؛ لحديث أبي رافع. وإن كتب له به سفتجة، أو قضاه في بلد آخر، أو أهدى إليه هدية بعد الوفاء، فلا بأس لذلك. وقال ابن أبي موسى: إن زاده مرة، لم يجز أن يأخذ في المرة الثانية زيادة، قولاً واحداً. ولا يكره قرض المعروف، لحسن القضاء. وذكر القاضي وجهاً في كراهته؛ لأنه يطمع في حسن عادته. والأول أصح؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان معروفاً بحسن القضاء، فلم يكن قرضه مكروهاً، ولأن خير الناس أحسنهم قضاء، ففي كراهة قرضه تضييق على خير الناس، وذوي المروءات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015