غيره» رواه أبو داود. ولأنه بيع للسلم قبل قبضه، فلم يجز كما لو أخذ عنه ثمناً، وقال ابن أبي موسى فيه رواية أخرى فيمن أسلم في بر، فرضي مكنه شعيراً مثل كيله: جاز، ولعل هذا بناء على رواية كون البر والشعير جنساً، والصحيح غيرها. وإن أعطاه غير نوع السلم، جاز قبوله، ولا يلزم.
وقال القاضي: يلزم قبوله إذا لم يكن أدنى من النوع الذي شرطه؛ لأنه من جنسه، فأشبه الزائد في الصفة من نوع واحد، والأول أصح؛ لأنه لم يأتِ بالشروط، فلم يلزم قبوله كالأدنى بخلاف الزائد في الصفة، فإنه أحضر المشروط مع زيادة، ولأن أحد النوعين يصلح لما لا يصلح له الآخر بخلاف الصفة.
فصل
فإن أحضره قبل محله، أو في مكان الوفاء، فاتفقا على أخذه، جاز. إن أعطاه عوضاً عن ذلك أو نقصه من السلم، لم يجز؛ لأنه بيع الأجل والحمل. وإن عرضه عليه، فأبى أخذه لغرض صحيح، مثل أن تلزمه مؤنة لحفظه أو حمله أو عليه مشقة، أو يخاف تلفه، أو أخذه منه، لم يلزمه أخذه. وإن أباه لغير غرض صحيح، لزمه؛ لأنه زاد خيراً، فإن امتنع رفع الأمر إلى الحاكم، ليأخذه، لما روي أن أنساً كاتب عبداً له على مال، فجاءه به قبل الأجل، فأبى أن يأخذه، فأتى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فأخذه منه، وقال: اذهب فقد عتقت. ولأنه زاده خيراً.
فصل
وإذا قبضه بما قدره به من كيل أو غيره، برئ صاحبه. وإن قبضه جزافاً، قدره، فأخذ قدر حقه، ورد الفضل، أو طالب بتمام حقه، إن كان ناقصاً. وهل له التصرف في قدر حقه قبل تقديره؟ على وجهين:
أحدهما: له ذلك؛ لأنه قدر حقه وقد أخذه، ودخل في ضمانه.
والثاني: ليس له ذلك؛ لأنه لم يقبضه القبض المعتبر. وإن اختلفا في القبض، فالقول قول المسلم؛ لأنه منكر. وإن اختلفا في حلول الأجل، فالقول قول المسلم إليه؛ لأنه منكر.