فصل
الشرط الخامس: أن يضبط بصفاته التي يختلف الثمن بها ظاهراً، فيذكر الجنس والنوع، والجودة والرداءة، والكبر والصغر، والطول والقصر والعرض والسمك، والنعومة والخشونة، واللين والصلابة، والرقة والصفاقة، والذكورية والأنوثية، والسن والبكارة، والثيوبة واللون والبلد، والرطوبة واليبوسة، ونحو ذلك مما يقبل هذه الصفات، ويختلف بها، ويرجع فيما لا يعلم منها تفسير أهل الخبرة، فإن شرط الأجود منها، لم يصح؛ لأنه يتعذر عليه الوصول إليه، فإن وصل إليه كان نادراً. وإن شرط الأردأ ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح لذلك.
والثاني: يصح؛ لأنه يمكنه تسليم السلم، أو خير منه من جنسه، فيلزم المسلم قبوله. وإن أسلم في جارية وابنتها، لم يصح؛ لأنه يتعذر وجودهما على ما وصف، وإن استقصى صفات السلم بحيث يتعذر وجوده، لم يصح؛ لأنه يعجز تسليمه.
فصل
الشرط السادس: أن يقبض رأس مال السلم في مجلس العقد قبل تفرقهما؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم» والإسلاف: التقديم، ولأنه إنما سمي سلماً وسلفاً، لما فيه من تقديم رأس المال، فإذا تأخر لم يكن سلماً، فلم يصح، ولأنه يصير بيع دين بدين، فإن تفرقا قبل قبضه، بطل. وإن تفرقا قبل قبض بعضه. بطل فيما لم يقبض، وفي المقبوض وجهان، بناء على تفريق الصفقة، ويجوز أن يكون في الذمة، ثم يعينه في المجلس ويسلمه.
ويجب أن يكون معلوماً، كالثمن في البيع، فإن كان معيناً، فظاهر كلام الخرقي أنه يكتفي برؤيته؛ لأنه عوض معين، أشبه ثمن المبيع.
وقال القاضي: لا بد من وصفه، لقول أحمد: ويصف الثمن، ولأنه عقد لا يمكن إتمامه، وتسليم المعقود عليه في الحال، ولا يؤمن انفساخه، فوجب معرفة رأس المال بالصفات، ليرد بدله، كالقرض في الشركة، فعلى هذا لا يجوز أن يكون رأس المال إلا ما يجوز أن يكون مسلماً فيه؛ لأنه يعتبر ضبط صفاته، فأشبه المسلم فيه.
فصل
وكل مالين جاز النساء بينهما، جاز إسلام أحدهما في الآخر، وما لا فلا، فعلى قولنا يجوز النساء في العروض، يصح إسلام عرض في عرض وفي ثمن، فإن أسلم