؛ لأنه لا يعرفه كثير من الناس. وإن كان مما لا يعرفه المسلمون، كالشعانين وعيد الفطر، لم يصح، وجهاً واحداً؛ لأن المسلمين لا يعرفونه، ولا يجوز تقليد أهل الذمة، فبقي مجهولاً. وإن جعلا الأجل إلى مدة معلومة كشهر معين تعلق بأولها. ولو قال: محله في رمضان، فكذلك؛ لأنه لو قال لزوجته: أنت طالق في رمضان، طلقت في أوله، ولو احتمل غير الأول لم يقع الطلاق بالشك. وإن جعله اسماً يتناول شيئين كربيع، تعلق بأولها كما لو علقه بشهر، وإن قال: ثلاثة أشهر، انصرف إلى الهلالية؛ لأنها الشهور في لسان الشرع، فإن كان أثناء شهر، كمل بالعدد ثلاثين، والباقي بالأهلة.
الأمر الثاني: أن يكون مما لا يختلف، فإن جعله إلى الحصاد والجذاذ والموسم، لم يصح؛ لأن ابن عباس قال: لا تتبايعوا إلى الحصاد والدياس، ولا تتبايعوا إلا إلى شهر معلوم. ولأن ذلك يختلف ويقرب ويبعد، فلم يجز جعله أجلاً، كقدوم زيد. وعنه: أنه قال: أرجو أن لا يكون به بأس؛ لأن ابن عمر كان يبتاع إلى العطاء، ولأنه لا يتفاوت تفاوتاً كثيراً، فإن أسلم إلى العطاء يريد به وقته، وكان معلوماً، جاز، وإن أراد نفس العطاء، لم يصح؛ لأنه يختلف.
الأمر الثالث: أن تكون مدة لها وقع في الثمن، كالشهر ونصفه ونحوه فأما اليوم ونحوه، فلا يصح التأجيل به؛ لأن الأجل إنما اعتبر ليتحقق المرفق ولا يتحقق إلا بمدة طويلة. فإن أسلم في جنس إلى أجلين أو آجال، مثل أن يسلم في خبز أو لحم، يأخذ كل يوم أرطالاً معلومة، جاز؛ لأن كل بيع جاز إلى أجل جاز إلى آجال، كبيوع الأعيان. ويجوز أن يسلم في جنسين إلى أجل واحد كما ذكرنا.
فصل
الشرط الرابع: أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله، مأمون الانقطاع فيه؛ لأن القدرة على التسليم شرط ولا تتحقق إلا بذلك، فلو أسلم في العنب إلى شباط، لم يصح؛ لأنه لا يوجد فيه إلا نادراً. ولا يصح السلم في ثمرة بستان بعينه، ولا قرية صغيرة، لما روي «أن زيد بن سعنة أسلف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانين ديناراً في تمر مكيل مسمى من تمر حائط بني فلان، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أما من حائط بني فلان فلا، ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى» رواه ابن ماجه. ولأنه لا يؤمن تلفه، فلم يصح، كما لو قدره بمكيال معين، ولا يصح السلم في عين لذلك، ولأن الأعيان لا تثبت في الذمة.