إحداهن: لا يقبل قوله إلا ببينة، لأنه مقر على نفسه فلم يقبل قوله في الغلط إلا ببينة، كالمضارب يقر بربح.
والثانية: إن كان معروفاً بالصدق قبل قوله وإلا فلا، لأنه لما دخل معه في المرابحة فقد ائتمنه، والقول قول الأمين مع يمينه.
والثالثة: لا يقبل قوله، وإن أقام بينة ما لم يصدقه المشتري لإقراره ابتدأ بكذب بينته، فأشبه ما لو أقر بدين. فإن قلنا بقبول بينته، فقال المشتري: أحلفوه أنه وقت البيع لم يعلم أن ثمنها أكثر، فعلى البائع اليمين، فإن نكل أو أقر لم يكن له غير ما وقع عليه العقد، لأنه عقد بهذا الثمن عالماً، فلم يكن له غيره، كالمشتري إذا علم العيب حال الشراء، وإن حلف خير المشتري بين فسخ العقد، لأنه لم يرضه بأكثر مما بذله وبين قبوله مع إعطائه ما غلط به حظه من الربح، لأن البائع إنما باعها بهذا الثمن ظناً أنه رأس المال، فعليه ضرر بالنقصان منه. فإذا أخذها المشتري بذلك فلا خيار للبائع، لأنه قد زال عنه الضرر بالتزام المشتري ما غلط به، وإن اختار الفسخ فقال البائع: أنا أسقط الزيادة عنك سقط الفسخ، لأنه قد بذلها له بالثمن الذي وقع عليه العقد وتراضيا به.
فصل:
وبيع التولية: هو البيع بمثل الثمن الذي اشترى به، وحكمه حكم المرابحة فيما ذكرنا، ويصح بلفظ البيع، ولفظ التولية، لأنه مؤد لمعناه. قال أحمد: ولا بأس ببيع الرقم، وهو الثمن الذي يكتب على الثوب، ولا بد من علمه حال العقد، ليكون معلوماً. فإن لم يعلم فالبيع باطل، لأن الثمن مجهول. وقال: المساومة عندي أسهل من المرابحة، لأن بيع المرابحة يعتبر به أمانة واسترسال من المشتري، ويحتاج إلى تحري الصدق واجتناب الريبة. وقال في رجلين اشتريا ثوباً بعشرين، ثم اشترى أحدهما من صاحبه باثنين وعشرين: فإنه يخير في المرابحة بإحدى وعشرين، لأنه اشترى نصفه بعشرة، ونصفه بأحد عشر.
فصل:
وبيع المواضعة: أن يخبر برأس المال، ثم يبيع به ووضعه كذا، أو يقول: ووضيعة درهم من كل عشرة. وحكمه حكم المرابحة في تفصيله، فإذا قال: رأس مالي فيه مائة بعتك بها ووضيعة درهم من كل عشرة، فالثمن تسعون. لأن المحطوط العشر، وعشر المائة عشرة، وإن قال بوضيعة درهم لكل عشرة، كان الحط من كل أحد عشرة درهماً، درهماً، والباقي تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءاً من درهم، لأنه إذا