أحدهما، لما روى جابر قال: «نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الصبرة لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر» رواه مسلم. ولأن المماثلة لا تعلم بدون الكيل من الطرفين، فوجب ذلك. وما لا يكال ولا يوزن يعتبر التماثل فيه بالوزن، لأنه أحصر، ومنه ما لا يتأتى كيله.
فصل:
والمرجع في الكيل والوزن إلى عادة أهل الحجاز، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المكيال مكيال أهل المدينة، والميزان ميزان أهل مكة» وما لا عرف له بالحجاز يعتبر بأشبه الأشياء به بالحجاز في أحد الوجهين، لأن الحوادث ترد إلى أقرب الأشياء شبهاً بها وهو القياس. والثاني ترد إلى عرفه في موضعه، لأن ما لا حد له في الشرع يرد إلى العرف، كالقبض والحرز.
فصل:
والجيد والرديء، والتبر والمضروب، والصحيح والمكسور سواء في جواز البيع متماثلاً وتحريمه متفاضلاً، للخبر وفي بعض ألفاظه «الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها» رواه أبو داود. وفي لفظ «جيدها ورديئها سواء» .
فصل:
ولا يحرم التفاضل إلا في الجنس الواحد، للخبر والإجماع، وكل شيئين اتفقا في الاسم الخاص من أصل الخلقة فهما جنس، كأنواع التمر وأنواع البر. وإن اختلفا في الاسم من أصل الخلقة فهما جنسان، كالستة المذكورة في الخبر، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حرم الزيادة فيها إذا بيع منها شيء بما يوافقه في الاسم، وأباحها إذا بيع بما يخالفه في الاسم، فدل على أن ما اتفقا في الاسم جنس، وما اختلفا فيه جنسان. وعنه: أن البر والشعير جنس، لأن معمر بن عبد الله قال لغلامه فيهما لا تأخذن إلا مثلاً بمثل، «فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الطعام إلا مثلاً بمثل» رواه مسلم. والمذهب الأول، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في الأعيان الستة «فإذا اختلفت هذه الأصناف الستة فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد» رواه مسلم. وقال «لا بأس ببيع البر بالشعير، والشعير أكثرهما يداً