فصل:
ومن مر بثمرة لا حائط لها، ولا ناطر، ففيه ثلاث روايات:
إحداهن: أنه يأكل ولا يحمل، لما روي عن أبي زينب، قال: سافرت مع أنس بن مالك، وعبد الرحمن بن سمرة، وأبي برزة، فكانوا يمرون بالثمار، فيأكلون في أفواههم. وقال عمر: يأكل ولا يتخذ خبنة.
والثانية: يباح ما سقط، ولا يرمي بحجر ولا يضرب، لما روى رافع أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا ترم وكُلْ ما وقع» حديث صحيح.
والثالثة: له الأكل إن كان جائعاً، ولا يأكل إن لم يكن جائعاً، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أنه سئل عن الثمر المعلق، فقال: ما أصاب منه ذي الحاجة، غير متخذ خبنة، فلا شيء عليه، ومن خرج منه بشيء فعليه غرامة مثليه، والعقوبة» هذا حديث حسن وفي الزرع روايتان:
إحداهما: هو كالثمرة؛ لأن العادة جارية بأكل الفريك والباقلاء ونحوهما.
والثانية: لا يباح؛ لأن الفاكهة خلقت للأكل رطبة والنفوس إليها أميل بخلاف الزرع، وما كان محوطاً أو له ناطر، فليس له الدخول بحال؛ لقول ابن عباس: إذا كان عليها حائط، فهو حريم، فلا تأكل، وإن لم يكن حائط فلا بأس.
وفي لبن الماشية روايتان:
إحداهما: هو كالثمرة، لما روى الحسن عن سمرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا أتى أحدكم على ماشية فيها صاحبها، فليستأذنه فإن أذن، فليحتلب وليشرب وإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثاً، فإن لم يجب، فليحتلب وليشرب، ولا يحمل» حديث صحيح.
والثانية: لا يحل له الحلب؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه» متفق عليه.