جلودها وجلالها، وأن لا أعطي الجازر منها شيئاً، وقال: نحن نعطيه من عندنا» متفق عليه. ويجوز أن ينتفع بجلدها، ويصنع منه النعال، والخفاف والفراء والأسقية، ويدخر منها، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم» رواه مسلم. ولأن الجلد جزء من الأضحية، فجاز الانتفاع به كاللحم.
فصل:
وإذا أوجب الأضحية بعينها، فالحكم فيها كالحكم في الهدي المعين، في ركوبها، وولدها، ولبنها، وصوفها، وتلفها، وإتلافها، ونقصانها، وذبحها على ما ذكرنا؛ لأن الأضاحي والهدايا معناهما واحد. وإيجابها قوله: هذه أضحيتي، أو هذه لله، ونحوه من القول. ولا يحصل ذلك بالشراء مع النية؛ لأنه إزالة ملك على وجه القربة، فلم تؤثر فيها النية المفارقة للشراء، كالوقف والعتق، فإن أوجبها ناقصة نقص يمنع الإجزاء، فعليه ذبحها؛ لأن إيجابها كنذر ذبحها، فيلزمه الوفاء به، ولا يكون أضحية؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أربع لا تجزئ في الأضاحي» ولكنه يتصدق بلحمها، ويثاب عليه، كمن أعتق عبداً عن كفارة به عيب يمنع الإجزاء، ولا يلزمه البدل، إلا أن تكون الأضحية واجبة؛ لأنها تطوع، وإن زال عيبها قبل ذبحها أجزأت عن الأضحية؛ لأن القربة تتعين فيها بالذبح وهي سليمة حينئذ، وإن اشتراها معيبة فأوجبها، ثم علم عيبها، خرج جواز ردها على جواز إبدالها، وقد ذكرناه وله أخذ أرشها، وحكمه حكم أرش الهدي المعيب.
وهي الذبيحة عن المولود، وهي سنة، لما روى سمرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى ويحلق رأسه» رواه أبو داود. وليست واجبة، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من ولد له مولود، فأحب أن ينسك عنه فليفعل» رواه مالك في الموطأ. والسنة أن يذبح عن الغلام شاتان متساويتان، وعن الجارية شاة، لما روت أم كرز الكعبية قالت: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» رواه أبو داود. ويستحب ذبحها يوم السابع، ويجزئ فيها من بهيمة الأنعام ما يجزئ في الأضحية، ويمنع فيها من العيب ما يمنع فيها، وسبيلها في الأكل والهدية والصدقة سبيلها، إلا أنه يستحب تفصيلها أعضاء، ولا