ولا تجزئ العضباء، لما روى علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يضحى بأعضب الأذن، أو القرن» . قال سعيد بن المسيب: العضب النصف فأكثر من ذلك. رواه النسائي. يعني التي ذهب أكثر من نصف أذنها، أو قرنها، وتجزئ الجماء التي لم يخلق لها قرن، والصمعاء: وهي الصغيرة الأذن والبتراء: التي لا ذنب لها، والشرقاء: التي شقت أذنها، والخرقاء: التي انشقت أذنها؛ لأن ذلك لا ينقص لحمها، ولا يمكن التحرز منه، وغيرها أفضل منها؛ لقول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أمرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نستشرف العين والأذن، وأن لا نضحي بمقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء» . قال أبو إسحاق السبيعي: المقابلة: قطع طرف الأذن، والمدابرة: القطع من مؤخرة الأذن، والخرقاء: تشق الأذن للمسة، والشرقاء: تشق أذنها السمة. رواه أبو داود. وهذا نهي تنزيه لما ذكرنا.
وقال ابن حامد: لا تجزئ الجماء، ويجزئ الخصي؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضحى بكبشين موجوءين، ولأنه يذهب عضو غير مستطاب، يطيب اللحم بذهابه.
فصل:
ويستحب أن يأكل الثلث من الأضحية، ويهدي الثلث، ويتصدق بالثلث، لما روى ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأضحية قال: «ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث» قال الحافظ أبو موسى: هذا حديث حسن. ولقول ابن عمر: الضحايا والهدايا: ثلث لك وثلث لأهلك، وثلث للمساكين. وإن أطعمها كلها أو أكثرها فحسن، وإن أكلها كلها إلا أوقية تصدق بها جاز، وإن أكلها كلها، ضمن القدر الذي تجب الصدقة به؛ لقول الله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] . والأمر يقتضي الوجوب. وإن نذر الأضحية، فله الأكل منها؛ لأن النذر محمول على المعهود قبله، والمعهود من الأضحية الشرعية ذبحها، ولأكل منها، ولا يغير النذر من صفة المنذور إلا الإيجاب.
قال القاضي: ومن أصحابنا من منع الأكل منها، قياساً على الهدي المنذور.
فصل:
ولا يجوز بيع شيء من الهدي، والأضحية، ولا إعطاء الجازر بأجرته شيئاً منها، لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «أمرني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أن أقوم بدنه، وأن أقسم