لأن فيه تفويت حق الفقراء من الجزء الزائد فلم يجز، كما لو أخرج من الزكاة أدنى من الواجب. ولا يجوز إبدالها بمثلها؛ لأنه تفويت لعينها من غير فائدة تحصل.

فصل:

ومن وجب في ذمته هدي فعينه في حيوان تعين؛ لأنه ما وجب به معين جاز أن يتعين به ما في الذمة، كالبيع، ويصير للفقراء، فإن هلك بتفريط، أو غيره رجع الواجب إلى ما في الذمة، كما لو كان له عليه دين، فباعه به طعاماً، فهلك قبل تسليمه، فإن تعيب أو عطب فنحره، لم يجزئه لذلك، وهل يعود المعين إلى صاحبه؟ فيه روايتان:

إحداهما: يعود، ذكره الخرقي. فقال: صنع به ما شاء؛ لأنه إنما عينه عما في ذمته، فإن لم يقع عنه عاد إلى صاحبه، كمن أخرج زكاته فبان أنها غير واجبة عليه.

والأخرى: لا يعود؛ لأنه صارت للمساكين بنذره، فلم تعد إليه، كالذي عينه ابتداء، وهل تعود إلى ذمته، مثل المعين، أو مثل الواجب في الذمة؟ ينظر، فإن تلف بغير تفريط لم يلزمه أكثر مما في الذمة؛ لأن الزائد إنما تعلق بالعين، فسقط بتلفها، وإن تلف بتفريط، لزمه أكثر الأمرين؛ لأنه تعلق بالمعين حق الله تعالى. فإن أتلفه فعليه مثل ما فوته. وإن ولد هذا المتعين تبعه ولده، لما ذكرنا في المعين ابتداء، فإن تعيبت الأم فبطل تعيينها، ففي ولدها وجهان:

أحدهما: يبطل تبعاً كما ثبت تبعاً.

والثاني: لا يبطل؛ لأن بطلانه في الأم لمعنى اختص بها بعد استقرار الحكم في ولدها، فلم يبطل فيه، كما لو ولدت في يد المشتري ثم ردها لعيبها.

فصل:

وإذا ذبح هديه، أو أضحيته إنسان بغير أمره في وقته أجزأ عنه؛ لأنه لا يحتاج إلى قصده، فإذا فعله إنسان بغير إذنه وقع الموقع، ولا ضمان على الذابح؛ لأنه حيوان تعين إراقة دمه على الفور حقاً لله تعالى، فلم يضمنه كالمرتد.

فصل:

ويجوز الأكل من هدي التمتع والقران؛ لأن أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كن متمتعات إلا عائشة، فإنها كانت قارنة لإدخالها الحج على عمرتها، وقالت: «إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة، قالت: فدخل علينا بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015