فصل:
وإن عجز عن المشي أو عطب دون محله، نحره موضعه وصبغ نعله الذي في عنقه في دمه، فضرب بها صفحته ليعرفه الفقراء، وخلى بينه وبينهم، ولم يأكل منه هو، ولا أحد من رفقته. لما روى ذؤيب أبو قبيصة: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: إن عطب منها شيئاً فخشيت عليها موتاً فأنجزها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها، ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك رواه» مسلم، ولأنه متهم في التفريط فيها ليأكلها، أو يطعمها رفقته فمنعوا من أكلها لذلك. فإن لم يذبحها عند خوفه عليها حتى تلفت ضمنها؛ لأنه فرط فيها، فلزمه ضمانها كالوديعة، إذا رأى من يسرقها فلم يمنعه.
وإن أتلفها ضمنها؛ لأنه أتلف مالاً يتعلق به حق غيره، فضمنه، كالغاصب، ويلزمه أكثر الأمرين من قيمتها، أو هدي مثلها؛ لأنه لزمته الإراقة والتفرقة، وقد فوتهما فلزمه ضمانهما، كما لو أتلف شيئين، وإن كانت قيمتها وفق مثلها، أو أقل، لزمه مثلها، وإن كانت أكثر، اشترى بالفضل هدياً آخر، فإن لم يسع اشترى به لحماً وتصدق به؛ لأنه أقرب إلى المفوت، ويحتمل أن يتصدق بالقيمة، وإن أكل مما منع من أكله، ضمنه بمثله لحماً لما ذكرنا. وإن أتلفها غيره فعليه قيمتها؛ لأنه لا تلزمه الإراقة، فلزمته قيمتها كغيرها، ويشتري بالقيمة مثلها، فإن زادت فالحكم على ما ذكرنا فيما إذا أتلفها صاحبها.
وإن اشترى هدياً فوجده معيباً فله الأرش، ويحتمل أن يكون للمساكين؛ لأنه بدل عن الجزء الفائت من حيوان جعله لله تعالى، فكان للمساكين، كعوض ما أتلف منه بعد الشراء، ويكون حكمه حكم الفاضل عن المثل، ويحتمل أن يكون له؛ لأن النذر إنما صادف المعيب بدون الجزء الفائت، فلم يدخل في نذره، فلا يستحق عليه بدله.
فصل:
ولا يزول ملكه عن الهدي والأضحية بإيجابهما، نص عليه. وله إبدالهما بخير منهما.
وقال أبو الخطاب: يزول ملكه، وليس له بيعه، ولا إبداله؛ لأنه جعله لله تعالى، فأشبه المعتق والموقوف.
ووجه الأول: أن النذور محمولة على أصولها في الفرض، وفي الفرض لا يزول ملكه، وهو الزكاة. وله إخراج البدل، فكذلك في النذور، وأما بيعها بدونها، فلا يجوز؛