وعنه لا قضاء عليه إن كانت نفلاً، وإن كانت فرضاً فعلها بالوجوب السابق، قياساً على سائر العبادات، والمذهب الأول؛ لأنه قول الصحابة والمسلمين، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، ولأن الحج يلزم بالشروع، فيلزم قضاؤه كالمنذور، بخلاف غيره.
ويجزئه القضاء عن الحجة الواجبة بغير خلاف؛ لأن الحجة لو تمت لأجزأت عن الواجب فكذلك قضاؤها؛ لأنه يقوم مقام الأداء، ويجب على ما فاته الحج هدي.
وعنه: لا هدي عليه؛ لأنه لو لزمه هدي لزم المحصر هديان، للفوات والإحصار، والصحيح الأول؛ لأنه قول الصحابة المسلمين، ولأنه حل في إحرامه قبل إتمامه فلزمه هدي، كالمحصر، ويخرجه في سنة القضاء، لما روى سليمان بن يسار: أن هبار بن الأسود حج من الشام، فقدم يوم النحر فقال له عمر: انطلق إلى البيت، فطف به سبعاً، وإن كان معك هدي فانحرها، ثم إن كان عام قادم فاحجج، وإن وجدت سعة فاهد، وإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجعت إن شاء الله تعالى. رواه الأثرم. فعلى هذا العمل؛ لأنه قول منتشر لم يعرف له مخالف، فإن عدم الهدي، صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
وقال الخرقي: يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوماً: لأنه أقرب إلى معادلة الهدي كبدل جزاء الصيد، وقول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أولى.
فصل:
إذا أخطأ الناس العدد، فوقفوا في غير يوم عرفة أجزأهم ذلك؛ لأنه لا يؤمن مثل ذلك في القضاء فيشق، وإن وقع لنفر منهم، لم يجزئهم؛ لأنه لتفريطهم، وقد روي أن عمر قال لهبار: ما حبسك؟ قال: كنت أحسب أن اليوم يوم عرفة. فلم يعذر بذلك.
فصل:
وإذا حصر المحرم عدو من المسلمين، فمنعه المضي، فالأفضل التحلل، وترك قتاله؛ لأنه أسهل من قتال المسلمين، وإن كان مشركاً لم يجب قتاله إلا أن يبدأ به؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يقاتل الذين أحصروه، وإن غلب على ظن المحرم الظفر، استحب القتال، ليجمع بين الجهاد والحج، وإن غلب على ظنه خلاف ذلك، استحب الانصراف، صيانة للمسلمين عن التغرير، ثم إن وجد طريقاً آمناً، لم يجز له التحلل قرب أو بعد؛ لأنه قادر على أداء نسكه، فأشبه من لم يحصر، فإن كان لا يصل إلا بعد الفوات، مضى وتحلل بعمرة، وفي القضاء روايتان: