بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم أفاضت» . رواه أبو داود. ولا بأس بتقديم الضعفة ليلاً لهذا الحديث. ولما روى ابن عباس قال: «كنت فيمن قدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى» . متفق عليه ولا يجوز الدفع قبل منتصف الليل، فمن خرج قبل ذلك ثم عاد إليها في ليله فلا دم عليه ومن لم يعد فعليه دم. فإن وافاها بعد نصف الليل فلا دم عليه، كما قلنا في عرفة سواء.
فصل:
فإذا وصل منى بدأ برمي جمرة العقبة؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدأ بها، ولأنها تحية منى، فلم يقدم عليها شيء كالطواف في المسجد، والمستحب رميها بعد طلوع الشمس. لما روى ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» من " المسند ".
وأول وقته بعد نصف الليل، لحديث عائشة، ويستحب لمن كان راكباً أن يأتيها راكباً، لما روى جابر قال: «رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: لتأخذوا عني مناسككم» . رواه مسلم. ويستحب أن يستبطن الوادي ويستقبل القبلة، ويرمي على حاجبه الأيمن، لما روى عبد الرحمن بن يزيد قال: «لما أتى عبد الله جمرة العقبة، استبطن الوادي، واستقبل القبلة، وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الأيمن، ثم رمى بسبع حصيات ثم قال: والله الذي لا إله غيره، من هاهنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة» . متفق عليه، وإن رماها من فوقها جاز، لما روي عن عمر أنه جاء والزحام عند الجمرة فصعد فرماها من فوقها، ويقطع التلبية عند البداءة بالرمي؛ لقول الفضل: «إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة» ، ولأن التلبية للإحرام، وبالرمي يشرع في التحلل منه، فلا يبقى للتلبية معنى. ويكبر مع كل حصاة، لحديث جابر، وعن ابن عمر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استبطن الوادي ورمى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة: الله أكبر الله أكبر، اللهم اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً» ، رواه حنبل في " مناسكه "، ويرفع يده في الرمي حتى يرى بياض إبطيه، ولا يجزئه غير الحجر في الرمي من المدر والخذف، ولا بحجر قد رمي به؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رمى بالحصى، وأمر بلقطه من غير المرمى ولأن ما تقبل من الحصى رفع، والباقي مردود فلا يرمى به، وإن رمى بحجر كبير أجزأه؛ لأنه حجر، وعنه: لا يجزئه؛ لأنه منهي عنه.
ولا يجزئه وضع الحصى في المرمى بغير رمي؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رمى.
فإن رمى السبع دفعة واحدة لم يجزئه إلا عن واحدة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رمى سبع رميات.