حر، فعله، وعليه الفدية، قياساً على الحلق، وإن اضطر إلى الصيد فله أكله وعليه جزاؤه؛ لأنه أتلفه لمصلحته فأشبه ما ذكرناه، وإن صال عليه صيد فقتله دفعاً عن نفسه فلا جزاء فيه؛ لأنه حيوان قتله لدفع شره فلم يضمنه كالآدمي.
وقال أبو بكر: عليه الجزاء لأنه قتله لمصلحة نفسه، فأشبه ما لو قتله لأكله والأول أصح. وإن خلص صيداً من سبع أو شبكة ليرسله فتلف ففيه وجهان:
أحدهما: يضمنه؛ لأنه تلف بفعله فيضمنه كالمخطئ.
والثاني: لا يضمنه؛ لأنه تلف بفعل مباح لمصلحته فلم يضمنه، كالآدمي يتلف بمداواة وليه.
فصل:
يكره للمحرم حك شعره بأظفاره كيلا ينقطع، فإن انقطع به شعره لزمته فديته، ويكره الكحل بالإثمد غير المطيب؛ لأنه زينة، والحاج أشعث أغبر، وهو في حق المرأة أشد كراهة؛ لأنها محل الزينة ولا فدية فيه؛ لأن وجوبها من الشارع، ولم يرد بها ههنا، ويكره لبس الخلخال، والتزين بالحلي لذلك، وهو مباح لحديث ابن عمر، ويكره أن ينظر في المرآة لإصلاح شيء لأنه نوع تزين، ويكره أن يدهن بدهن غير مطيب لذلك، وعن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في جوازه روايتان، إلا أنه يحتمل أن تختص الروايتان بدهن الشعر؛ لأنه يذيل الشعث، ويسكن الشعر، ويزينه، ويباح التدهن في غيره؛ لأن للمحرم أكل الدهن فكان له أن يدهن به. وقد روى ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ادهن بدهن غير مقتت» ، أي: غير مطيب، يعني وهو محرم [والأولى أصح] . إلا أنه من رواية فرقد وهو ضعيف. ولا فدية فيه بحال لما ذكرنا، وينبغي أن ينزه إحرامه عن الكذب والشتم والكلام القبيح والمراء لقول الله: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] قال ابن عباس: الفسوق: المنابزة بالألقاب، وتقول لأخيك: يا فاسق يا ظالم، والجدال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه. وروى أبو هريرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» متفق عليه.
ويستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حسن إسلام المرء