ولأنه إذا سافر لزمه الإحرام من الميقات، أو من حيث انتهى إليه، فلا يترفه بأحد السفرين، فأشبه المفرد.
الخامس: أن يحل من عمرته، فإن أدخل عليها الحج لم يجب دم المتعة؛ لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «أهللنا بعمرة فقدمنا مكة وأنا حائض؛ لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة. قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه، فقال: هذه مكان عمرتك فقضى الله حجها وعمرتها ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة» . متفق عليه. ولأنه يصير قارناً، أشبه ما لو أحرم بهما، وذكر القاضي أنه يشترط أن ينوي في ابتداء العمرة أو أثناءها أنه متمتع؛ لأنه جمع بين عبادتين، فافتقر إلى النية كالجمع بين الصلاتين، وظاهر الآية يدل على عدم اشتراط هذا؛ لأنه يوجد التمتع بدونه والترفه بترك أحد السفرين فلزمه دم كما لو نوى.
فصل:
وفي وقت وجوبه روايتان:
إحداهما: إذا أحرم بالحج لقول الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وبإحرام الحج يفعل ذلك فيجب الدم.
والثانية: إذا وقف بعرفة؛ لأن الحج لا يحصل إلا به، وهو معرض للفوات قبله فلا يحصل التمتع، فأما وقت ذبحه فقال أحمد: إن قدم مكة قبل العشر ومعه هدي نحره عن عمرته؛ لئلا يضيع أو يموت أو يسرق، فإن قدم في العشر لم ينحره حتى ينحره بمنى؛ لأن أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قدموا في العشر فلم ينحروا حتى نحروا بمنى، فجوز النحر قبل إحرامه بالحج؛ لأنه حق مال يتعلق بشيئين فجاز تقديمه على أحد سببيه كالزكاة.
فصل:
فإن لم يجد الهدي فعليه صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع؛ لقول الله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] وتعتبر القدرة