فصل:

ويستحب للقارن والمفرد إذا لم يكن معهما هدي أن يفسخا نيتهما بالحج، وينويا عمرة مفردة، ويحلا من إحرامهما بطواف وسعي وتقصير ليصيرا متمتعين؛ لحديث جابر.

ويروى عن إبراهيم الحربي أنه قال: قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله كل شيء منك حسن جميل إلا خلة واحدة، تقول بفسخ الحج! فقال أحمد: وقد كنت أرى أن لك عقلاً، عندي ثمانية عشر حديثاً صحاحاً جياداً كلها في فسخ الحج، أتركها لقولك؟ فأما من ساق الهدي فليس له ذلك؛ للحديث، ولقول الله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] .

فصل:

ويجب على المتمتع دم لقول الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] والدم الواجب شاة أو سبع بدنة؛ للآية. قال أبو حمزة: سألت ابن عباس عن المتعة فأمرني بها، وسألته عن الدم فقال: فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم. متفق عليه، ولا يجب الدم إلا بشروط خمسة.

أحدها: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام؛ لقول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] ، وحاضرو المسجد: أهل الحرم، ومن بينه وبينه مسافة القصر؛ لأن الحاضر القريب، والقريب: دون مسافة القصر.

الثاني: أن يعتمر في أشهر الحج لأن المعتمر في غير أشهره لم يجمع بين النسكين، فلم يجب عليه دم كالمفرد، ولو أحرم بالعمرة من غير أشهر الحج، وحل منها في أشهره؛ لم يكن متمتعاً لأن الإحرام نسك لا تتم العمرة إلا به، ولأنه أتى به من غير أشهر الحج فلم يصر متمتعاً كالطواف.

الثالث: أن يحج من عامه، فإن أخر الحج إلى عام آخر؛ لم يكن متمتعاً لأن التمتع بالعمرة إلى الحج يقتضي الموالاة بينهما، ولم يوال، فأشبه المعتمر في غير أشهر الحج.

الرابع: أن لا يسافر بينهما سفر يقصر فيه؛ لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ثم رجع فليس بمتمتع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015