الولي، كما يعقد له النكاح، فلذلك صح أن يحرم عنه الولي، محلاً كان أو محرماً ممن حج عن نفسه وممن لم يحج، فإن أحرمت عنه أمه، صح في ظاهر كلام أحمد؛ لأنه قال: يحرم عنه أبواه، وهو ظاهر حديث ابن عباس.
وقال القاضي: لا يصح لعدم ولايتها على ماله، وفي سائر عصباته وجهان، بناء على القول في الأم، فأما الأجنبي فلا يصح إحرامه عنه وجهاً واحداً.
الثاني: أن ما قدر الصبي على فعله كالوقوف بعرفة ومزدلفة فعليه فعله، وما لا يمكنه فعله كالرمي فعله الولي عنه؛ لما روى جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «كنا إذا حججنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبينا مع الصبيان ورمينا عنهم» رواه ابن ماجه، وإن أمكنه المشي في الطواف وإلا طيف به محمولاً، فقد روى الأثرم عن أبي إسحق أن أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طاف بابن الزبير في خرقة. ولا يرمي عن الصبي إلا من أسقط فرض الرمي عن نفسه.
الثالث: أن ما فعله من محظورات الإحرام، إن كان مما يفرق بين عمده وسهوه، فلا فدية فيه؛ لأن عمد الصبي خطأ، وإن كان مما يستوي عمده وسهوه كجزاء الصيد ونحوه ففيه فدية، وفي محلها روايتان:
إحداهما: تجب في مال الصبي؛ لأنه واجب بجنايته فلزمت كجنايته على آدمي.
والثانية: تجب على وليه لأنه أدخله في ذلك وغرر بماله. وإن وطئ الصبي أفسد حجه. ووجبت البدنة ويمضي في فاسده، وعليه القضاء إذا بلغ، وهل يجزئه القضاء عن حجة الإسلام ينظر فإن كانت الفاسدة؛ لو صلحت أجزأت، وهو أن يبلغ في وقوفها، أجزأ القضاء أيضاً وإلا فلا.
الرابع: أن ما يلزمه من النفقة بقدر نفقة الحضر فهو في ماله؛ لأن الوالي لم يكلفه ذلك، وما زاد ففي محله روايتان، كالفدية سواء.
فصل:
وفي حج العبد وهو صحيح؛ لأنه من أهل العبادات فصح حجه كالحر، وإلا فالكلام فيه في أمور أربعة:
أحدها: أنه إن أحرم، صح إحرامه، بإذن سيده وبغير إذنه؛ لأنها عبادة بدنية فصحت منه بغير إذن سيده كالصلاة، فإن أحرم بإذن سيده لم يجز تحليله؛ لأنها عبادة تلزمه بالشروع فلم يملك تحليله إذا شرع بإذنه كقضاء رمضان، وإن أحرم بغير إذنه،