خاصة، فإن عدم ذلك لمرض لا يرجى برؤه، أو كبر، أقام من يحج عنه ويعتمر؛ لما روى أبو رزين أنه أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر» وهو حديث حسن، فإن برئ بعد أن حج عنه فلا حج عليه؛ لأنه أتى بما أمر به، فخرج عن عهدته كما لو لم يبرأ. وإن كان مرضه يرجى زواله لم يجز أن يستنيب؛ لأنه يرجو القدرة فلم تكن له الاستنابة، كالصحيح الفقير، فإن استناب ثم مات؛ لم يجزئه ووجب الحج عنه؛ لأنه حج عنه وهو غير مأيوس منه فلم يجزئه الحج، كما لو برئ، وهل يجوز لمن يمكنه الحج بنفسه أن يستنيب في حجة التطوع؟ فيه روايتان:
إحداهما: يجوز؛ لأنها حجة لا يلزمه أداؤها فجاز له الاستنابة فيها كالمغصوب.
والثانية: لا يجوز؛ لأنها عبادة لا تجوز الاستنابة في فرضها فلم تجز في نفلها كالصلاة.
فصل:
ومن كملت الشرائط في حقه؛ لزمه الحج على الفور ولم يجز له تأخيره؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة» رواه ابن ماجه. وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً» رواه الترمذي، ولأنه أحد أركان الإسلام فلم يجز تأخيره إلى غير وقته كالصيام.
فصل:
وحج الصبي صحيح؛ لما روى ابن عباس قال: «رفعت امرأة صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر» رواه مسلم. والكلام فيه في أربع أمور:
أحدها: في إحرامه، إن كان مميزاً أحرم بإذن وليه، ولا يصح من غير إذنه؛ لأنه عقد يؤدي إلى لزوم مال فلم ينعقد منه بنفسه كالبيع. وإن كان غير مميز أحرم عنه وليه الذي يلي ماله، ومعنى إحرامه عنه: عقده الإحرام له فيصير الصبي بذلك محرماً دون