فصل:

ولا يخرج لعيادة مريض، ولا حضور جنازة لم تتعين عليه.

وعنه: أنه يشهد الجنازة ويعود المريض ولا يجلس، ويقضي الحاجة ويعود إلى معتكفه لأن ذاك يروى عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، والأولى أولى؛ لقول عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه» ، رواه أبو داود. ولكن إن كان متطوعاً فله ترك اعتكافه لفعل ذلك، ثم يعود إلى الاعتكاف، وإن كان واجباً لم يجز له تركه لما ليس بواجب، وإن شرط فعل ذلك في نذره فله فعله، وكذلك إن شرط العشاء في أهله، جاز؛ لأنه يجب بعقده فكان الشرط فيه إليه كالوقوف، وإن شرط أنه متى مرض أو عرض له عارض خرج، جاز شرطه لذلك، وإن شرط الوطء في اعتكافه أو الفرجة أو النزهة أو البيع للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد؛ لم يصح شرطه؛ لأن هذا ينافي الاعتكاف فلم يصح شرطه كتركه الإقامة في المسجد.

فصل:

وإن خرج لما له منه بد، بطل اعتكافه. فإن كان ناسياً، فقال القاضي: لا يبطل لأنه فعل المنهي عنه في العبادة ناسياً فلم يبطلها كالأكل في الصوم، وقال ابن عقيل: يبطلها؛ لأنه ترك الاعتكاف فاستوى عمده وسهوه كترك النية، وحكم المكره حكم الناسي؛ لأنه في معناه في العفو بالخبر الوارد فيهما، وإن أخرج بعض جسده، جاز؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف إلى عائشة فتغسله.» متفق عليه. وله صعود سطح المسجد لأنه منه، ولهذا منع الجنب من اللبث فيه. وفي رحبة المسجد ما يدل على روايتين، وجمع القاضي بينهما بحملهما على حالين فقال: إن كان عليها حائط وباب، فهي كالمسجد؛ لأنها معه تابعة له، وإن لم تكن محوطة لم يثبت لها حكمه، وإن خرج إلى منارة خارجة من المسجد بطل اعتكافه؛ لأنها ليست منه، قال أبو الخطاب: ويحتمل أن لا يبطل؛ لأن منارة المسجد كالمتصلة به.

فصل:

وإذا دعت الحاجة إلى ترك الاعتكاف لأمر لا بد منه كحيض المرأة أو نفاسها، أو وجوب الاعتداد عليها في منزلها، أو لمرض يتعذر معه الاعتكاف إلا بمشقة شديدة، أو لوقوع فتنة يخاف منها على نفسه أو ماله أو منزله، أو لعموم النفير والاحتياج إلى خروجه، فله ترك الاعتكاف لأن هذا يسقط به الواجب بأصل الشرع، وهو الجمعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015