علي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ قلنا: لا. قال: إني إذا صائم» رواه مسلم، ولأن في تجويز ذلك تكثيراً للصيام؛ لأنه قد تعرض له النية من النهار فجاز، كما سومح في ترك القيام والاستقبال في النافلة لذلك، وفي أي وقت نوى من النهار أجزأه في ظاهر كلام الخرقي؛ لأنه نوى في النهار، أشبه ما قبل الزوال.

واختار القاضي أنه يجزئ بنية بعد الزوال؛ لأن النية لم تصحب العبادة في معظمها، أشبه ما لو نوى مع الغروب.

قال أحمد: من نوى التطوع من النهار كتب له بقية يومه، وإذا أجمع من الليل كان له يومه. فظاهر هذا أنه إنما يحكم له بالصيام من وقت نيته لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى» .

وقال أبو الخطاب: يحكم له بالصوم الشرعي المثاب عليه من أول النهار؛ لأن صوم بعضه لا يصح.

[باب ما يفسد الصوم وما يوجب الكفارة]

يحرم على الصائم الأكل والشرب للآية والخبر، فإن أكل أو شرب مختاراً ذاكراً لصومه أبطله؛ لأنه فعل ما ينافي الصوم لغير عذر، سواء كان غذاء أو غير غذاء كالحصاة والنواة لأنه أكل. وإن استعط أفسد صومه، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للقيط بن صبرة: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» رواه أبو داود وهذا يدل على أنه يفسد الصوم إذا بالغ فيه بحيث يدخل إلى خياشيمه. وإن أوصل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان، أو إلى دماغه مثل أن احتقن أو داوى جائفة بما يصل جوفه، أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه بما يصل جوفه، أو قطر في أذنيه فوصل إلى دماغه، أو داوى مأمومة بما يصل إليه؛ أفطر؛ لأنه إذا بطل بالسعوط دل على أنه يبطل بكل واصل من أي موضع كان، ولأن الدماغ أحد الجوفين فأبطل الصوم ما يصل إليه كالآخر. وإن اكتحل فوصل الكحل إلى حلقه أفطر؛ لأن العين منفذ، لذلك يجد المكتحل مرارة الكحل في حلقه، ويخرج أجزاؤه في نخاعته، وإن شك في وصوله لكونه يسيراً كالميل ونحوه ولم يجد طعمه لم يفطر، نص عليه، وإن زرق في إحليله شيئاً أو أدخل ميلاً لم يبطل صومه؛ لأن ما يصل المثانة، لا يصل إلى الجوف ولا منفذ بينهما، إنما يخرج البول رشحاً فهو بمنزلة ما لو ترك في فيه شيئاً، وإن ابتلع ما بين أسنانه أفطر؛ لأنه واصل من خارج يمكن التحرز عنه فأشبه اللقمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015