وإن صاموا بشهادة واحد فلم يروا الهلال ففيه وجهان:

أحدهما: لا يفطرون، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وإن شهد اثنان فصوموا وأفطروا» ولأنه فطر يستند إلى شهادة واحد فلم يجز، كما لو شهد بهلال شوال.

والثاني: يفطرون؛ لأن الصوم ثبت فوجب الفطر باستكمال العدة تبعاً وقد ثبت تبعاً ما لا يثبت أصلاً بدليل أن النسب لا يثبت بشهادة النساء أصلاً، ويثبت بها الولادة ثم يثبت النسب للفراش على وجه التبع للولادة.

فصل:

ومن كان أسيراً، أو في موضع لا يمكنه معرفة الشهور بالخبر فاشتبهت عليه الشهور فإنه يصوم شهراً بالاجتهاد؛ لأنه اشتبه عليه وقت العبادة فوجب العمل بالتحري، كمن اشتبه عليه وقت الصلاة، فإن لم ينكشف الحال فصومه صحيح؛ لأنه أدى فرضه باجتهاده، أشبه المصلي يوم الغيم، وإن انكشف الحال فبان أنه وافق الشهر أجزأه؛ لأنه أصاب في اجتهاده، وإن وافق بعده أجزأه؛ لأنه وقع قضاء لما وجب عليه فصح، كما لو علم، وإن بان قبله لم يجزئه لأنه صام قبل الخطاب، أشبه المصلي قبل الوقت، وإن صام بغير اجتهاد، أو غلب على ظنه أن الشهر لم يدخل فصام لم يجزئه وإن وافق؛ لأنه صام مع الشك فأشبه المصلي شاكاً في أول الوقت.

فصل:

ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] . وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق» حديث حسن. وعن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس أفطر الصائم» متفق عليه، ويجوز الأكل والشرب إلى الفجر للآية والخبر.

وإن جامع قبل الفجر ثم أصبح جنباً صح صومه؛ لأن الله تعالى لما أذن في المباشرة إلى الفجر ثم أمر بالصوم دل على أنه يصوم جنباً. وقد روت عائشة وأم سلمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام، ثم يغتسل ويصوم» . متفق عليه. وإن أصبح وفي فيه طعام أو شراب فلفظه لم يفسد صومه وإن طلع الفجر وهو مجامع فاستدام فعليه القضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015