والثانية: لا يجوز ذلك؛ لأن سبيل الله إذا أطلق إنما يتناول الغزو، ولأنه لا مصلحة للمسلمين في حج الفقير، ولا حاجة به إلى إيجاب الحج عليه، فلم يدفع إليه كحج النفل.
فصل:
الثامن: ابن السبيل. وهو المسافر المنقطع به وله اليسار في بلده، فيعطى من الصدقة ما يبلغه، فأما المنشئ للسفر من بلده فليس بابن سبيل؛ لأن السبيل الطريق، وابنها الملازم لها الكائن فيها، والقاطن في بلده ليس بمسافر، ولا له حكم المسافر. فإن كان هذا فقيراً أعطي لفقره، وإلا فلا. ومن كان سفره لمعصية فهل يدفع إليه بعد التوبة ما يرجع به؟ على وجهين، كما ذكرنا فيمن غرم لمعصية.
فصل:
ولا يدفع إلى واحد منهم أكثر مما يدفع به حاجته، فلا يزاد الفقير والمسكين على ما يغنيهما، ولا العامل على أجرته، ولا المؤلفة على ما يحصل به التأليف، ولا الغارم والمكاتب على ما يقضي دينهما، ولا الغازي على ما يحتاج إليه لغزوه، ولا ابن السبيل على ما يوصله بلده؛ لأن الدفع لحاجة، فوجب أن يتقيد بها، وإن اجتمع في واحد سببان كالغارم الفقير دفع إليه بهما؛ لأن كل واحد منهما سبب للأخذ، فوجب أن يثبت حكمه حيث وجد.
فصل:
وأربعة يأخذون أخذاً مستقراً لا يرجع عليهم بشيء الفقراء والمساكين والعاملون والمؤلفة، وأربعة يأخذون أخذاً مراعى، الرقاب والغارمون والغزاة وابن السبيل، إن صرفوه فيما أخذوا له، وإلا استرجع منهم. وإن فضل مع المكاتب شيء بعد أداء كتابته أو مع الغارم بعد قضاء غرمه، أو مع الغازي بعد غزوه، أو مع ابن السبيل بعد وصوله إلى بلده استرجع منهم وإن استغنوا عن الجميع ردوه، وإن عجز المكاتب رجع على سيده بما أخذ لأن الدفع إليهم لمعنى لم يوجد.
وقال الخرقي: إذا عجز المكاتب ورد في الرق، وقد كان تصدق عليه بشيء فهو لسيده. وأربعة يأخذون مع الغنى؛ الغازي والعامل والغرم للإصلاح والمؤلفة؛ لأنهم يأخذون لحاجتنا إليهم. والحاجة توجد مع الغنى، وسائرهم لا يعطون إلا مع الفقر؛ لأنهم يأخذون لحاجتهم، فاعتبر ذلك فيهم، إلا أن ابن السبيل تعتبر حاجته في مكانه، وإن كان له مال في بلده؛ لأنه غير مقدور عليه، فهو كالمعدوم. ولا يستحب إعلام