والرواية الثانية: لا يجوز الإعتاق منها لأن الآية تقضي الدفع إلى الرقاب، لقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] ، يريد الدفع إلى المجاهدين والعبد لا يدفع إليه.
فصل:
السادس: الغارمون، وهم ضربان: ضرب غرم لإصلاح ذات البين، وهو من يحمل دية أو مالاً لتسكين فتنة، وإصلاح بين طائفتين، فيدفع إليه من الصدقة ما يؤدي حمالته، وإن كان غنياً، لما روى قبيصة بن مخارق قال: «تحملت حمالة فأتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسأله فيها فقال: أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها. ثم قال: يا قبيصة إن الصدقة لا تحل إلا لثلاث، رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك» رواه مسلم، ولأنه يأخذ لمصلحة المسلمين، فجاز له الأخذ مع الغنى كالغازي.
الضرب الثاني: من غرم لمصلحة نفسه في مباح، فيعطى من الصدقة ما يقضي غرمه، ولا يعطي مع الغنى لأنه يأخذ لحاجة نفسه فلم يدفع إليه مع الغنى كالفقير. وإن غرم في معصية، لم يدفع إليه قبل التوبة؛ لأنه لا يؤمن أن يستعين بها في المعصية، وفي إعطائه بعد التوبة وجهان:
أحدهما: يعطى؛ لأنه يأخذ لتفريغ ذمته، لا لمعصية فجاز، كإعطائه لفقره.
والثاني: لا يعطى؛ لأنه لا يؤمن عوده إلى المعصية، ولا يقبل قوله: إنه غارم إلا ببينة فإن صدقه الغريم فعلى وجهين. ويجوز للرجل دفع زكاته إلى غريمه وأخذها منه لما ذكرنا في المكاتب.
فصل:
السابع: في سبيل الله وهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان إذا نشطوا غزوا، ويعطون قدر ما يحتاجون إليه لغزوهم، من نفقة طريقهم وإقامتهم، وثمن السلاح والخيل إن كانوا فرساناً، وما يعطون السايس وحمولتهم إن كانوا رجالاً مع الغنى؛ لأنهم يأخذون لمصلحة المسلمين. ولا يعطى الراتب في الديوان؛ لأنه يأخذ قدر كفايته من الفيء. وفي الحج روايتان:
إحداهما: هو من سبيل الله فيعطى من الصدقة ما يحج به حجة الإسلام، أو يعينه فيها مع الفقر، لما روي «أن رجلاً جعل ناقة له في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اركبيها فإن الحج في سبيل الله» رواه أبو داود.