بالإذن ولم يؤذن له في ذلك، ويحتمل الجواز؛ لأن قيس بن أبي حازم روى «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء فسأل عنها، فقال المصدق: إني ارتجعتها بإبل فسكت» . رواه سعيد بن منصور. ومعنى الارتجاع أن يبيعها ويشتري بثمنها غيرها.
وهم ثمانية ذكرهم الله تعالى في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60] .
فلا يجوز صرفها إلى غيرهم من بناء مساجد أو إصلاح طريق أو كفن ميت؛ لأن الله تعالى خصهم بها بقوله: إنما وهي للحصر تثبت المذكور وتنفي ما عداه. ولا يجب تعميمهم بها.
وعنه: يجب تعميمهم والتسوية بينهم. وأن يدفع من كل صنف إلى ثلاثة فصاعداً؛ لأنه أقل الجمع، إلا العامل، فإن ما يأخذه أجرة فجاز أن يكون واحداً، وإن تولى الرجل إخراجها بنفسه سقط العامل. وهذا اختيار أبي بكر؛ لأن الله تعالى جعلها لهم بلام التمليك، وشرك بينهم بواو التشريك، فكانت بينهم على السواء كأهل الخمس، والأول: المذهب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قال لمعاذ: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» أمر بردها في صنف واحد. «وقال لقبيصة لما سأله في حمالة: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» وهو صنف واحد. وأمر بني بياضة بإعطاء صدقاتهم سلمة بن صخر وهو واحد، فتبين بهذا أن مراد الآية بيان مواضع الصرف دون التعميم؛ ولذلك لا يجب تعميم كل صنف، ولا التعميم بصدقة واحد إذا أخذها الساعي، بخلاف الخمس.
فصل:
إذا تولى الإمام القسمة بدأ بالساعي فأعطاه عمالته؛ لأنه يأخذ عوضاً فكان حقه آكد ممن يأخذ مواساة. وللإمام أن يعين أجرة الساعي قبل بعثه، وله أن يبعثه من غير شرط؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ساعياً ولم يجعل له أجرة فلما جاء أعطاه، فإن عين له أجرة دفعها إليه، وإلا دفع إليه أجرة مثله. ويدفع منها أجرة الحاسب والكاتب