فصل:

ويخرص الرطب والعنب، لحديث عتاب، ولأن الحاجة داعية إلى أكلهما رطبين، وخرصهما ممكن لظهور ثمرتهما، واجتماعها في أفنانها وعناقيدها، ولم يسمع بالخرص من غيرهما، ولا هو في معناهما؛ لأن الزيتون ونحوه حبه متفرق في شجره مستتر بورقه.

فصل:

وعلى الخارص أن يترك في الخرص الثلث أو الربع توسعة على رب المال، لحاجته إلى الأكل منها والإطعام، ولأنها قد يتساقط منها وينتابها الطير والمارة، وقد روى سهل بن أبي حثمة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا أو تجدوا الثلث فدعوا الربع» رواه أبو داود. وعن مكحول قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا بعث الخراص قال: خففوا عن الناس فإن في المال العرية والواطئة والأكلة» رواه أبو عبيد. فالعرية: النخلات يهب رب المال ثمرتها لإنسان، والواطئة: السابلة، والأكلة: أرباب الأموال ومن تعلق بهم. فإن لم يترك الخارص شيئاً فلهم الأكل بقدر ذلك، ولا يحتسب عليهم، وإن لم يخرص عليهم، فأخرج رب المال خارصاً فخرص، وترك قدر ذلك، جاز. ولهم أكل الفريك من الزرع ونحوه، مما جرت العادة بمثله، ولا يحتسب عليهم.

فصل:

وإذا احتيج إلى قطع الثمرة قبل كمالها، لخوف العطش أو غيره، أو لتحسين بقية الثمرة جاز قطعها؛ لأن العشر وجب مواساة، فلا يكلف منه ما يهلك أصل المال، ولأن حفظ الأصل أحظ للفقراء من حفظ [الثمرة، لتكرر حقهم فيها كما هو أحظ للمالك. فإن كفى التجفيف لم يجز قطعها] ، فإن لم يكف جاز قطعها كلها، وإن كانت الثمرة عنباً، لا يجيء منه زبيب، أو زبيبه رديء كالخمري، أو رطب لا يجيء منه تمر جاز كالبربنا قطعه.

قال أبو بكر: وعليه قدر الزكاة في جميع ذلك يابساً، وذكر أن أحمد نص عليه.

وقال القاضي: لا يلزمه ذلك لأن الفقراء شركاؤه فلم يلزمه مواساتهم بغير جنس ماله. ويتخير الساعي بين مقاسمة رب المال الثمرة قبل الجذاذ بالخرص، ويأخذ نصيبهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015