الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس» . وروى أبو داود عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه، رافدة عليه كل عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، لكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشره» . الشرط: رذالة المال، والدرنة: الجرباء، فإن كان بعض النصاب مريضاً، وبعضه صحيحاً لم يأخذ إلا صحيحة على قدر المالين، وإن كان كله مريضاً أخذت مريضة منه. وقال أبو بكر: لا يؤخذ إلا صحيحة بقيمة المريضة، والقول في هذا كالقول في الصغار.
فصل:
ولا يؤخذ في الصدقة الربى، وهي التي تربي ولدها، ولا الماخض، وهي الحامل، ولا التي طرقها الفحل؛ لأن الغالب أنها حامل، ولا الأكولة وهي السمينة، ولا فحل الماشية المعد لضرابها، ولا حزرات المال، وهو خياره تحزره العين لحسنه، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمعاذ: «إياك وكرائم أموالهم» متفق عليه. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله لم يسألكم خيره» وقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لساعيه: لا تأخذ الربى ولا الماخض ولا الأكولة ولا فحل الغنم. قال الزهري: إذا جاء المصدق قسم الشاء: أثلاثاً، ثلثاً خياراً، وثلثاً شراراً، وثلثاً وسطاً، ويأخذ المصدق من الوسط. فإن تبرع المالك بدفع شيء من هذا، أو أخرج عن الواجب أعلى منه من جنسه جاز؛ لأن المنع من أخذه، لحقه فجاز برضاه، كما لو دفع فرضين مكان فرض. فإذا دفع حقة عن بنت لبون، أو تبيعين مكان الجذعة جاز لذلك، ولأن التبيعين يجزئان عن الأربعين مع غيرها فلأن يجزئان عنها مفردة أولى. وقد روى أبو داود عن أبي بن كعب «أن رجلاً قدم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي، فزعم أن ما علي فيه بنت مخاض، فعرضت عليه ناقة فتية سمينة، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذاك الذي وجب عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك فقال: ها هي ذه يا رسول الله، فأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقبضها، ودعا له بالبركة» .
فصل:
ولا تجزئ القيمة في شيء من الزكاة. وعنه: يجزئ لأن المقصود غنى الفقير بقدر المال. والأول المذهب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر هذه الأعيان المنصوص عليها بياناً لما فرضه تعالى، فإخراج غيرها ترك للمفروض. وقوله: فإن لم تكن بنت مخاض، فابن